وفي
رواية: «لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ» ([1]).
****
الله سبحانه وتعالى
والواجب على أهل الإيمان أنه إذا أصابهم ما يكرهون أن يعتبروا أن هذا قضاء من الله
وقدر، وأنَّه من الله - جل وعلا، وأنَّه لم يخلُقْه عبثًا، وأنَّه بسبب الذُّنوب
والمعاصي، فيتوب المؤمن، ويصبر على المصيبة، ويحتسب الأجر عند الله سبحانه وتعالى
ولا يُطلق لسانه بذمِّ الساعة واليوم والوقت الذي حصل فيه هذا المكروه، وإنما يحمد
الله ويشكره ويرضى بقضائه وقدَره، ويعلم أنَّه ما أُصيب إلاَّ بسبب ذُنوبِهِ،
فيُحَاسب نفسه ويتوب إلى الله تعالى.
ثم بيَّن معنى قوله:
«أَنَا الدَّهْرُ» فقال: «أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ»، وليس
معناه: أن الله يُسمَّى الدهر، فليس الدَّهر مِن أسماء الله، والحديث يفسِّر بعضه
بعضًا، فمَنْ زعم أن «الدَّهر» من أسماء الله فقد غلِط.
«وفي رواية: «لاَ
تَسُبُّوا الدَّهْرَ»» هذا نَهْيٌّ، والنَّهي يقتضي التحريم.
ثم علَّل ذلك بقوله:
«فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ» يعني: مَن سبَّ الدهرَ فقد سبَّ الله؛
لأنَّ الله هو الخالق سبحانه وتعالى وهو الذي أجرى هذا الحادث الذي يكرهه العبد
ويتألَّم منه، فإذا سبَّ الدهر فقد سبَّ الفاعل وهو الله سبحانه وتعالى.
ونخلص مِنْ هَذَا
كلِّهِ إلى مسائل نستنبطها من هذه الآية، ومن الحديث:
المسألة الأولى: تحريم مسبَّة
الدهر، ومسبَّةُ الدهرِ على نوعين:
النوع الأوَّل: ما يكون كفرًا وشركًا أكبر؛ وذلك إذا اعتقد أنَّ الدَّهرَ
([1])أخرجه: مسلم رقم (2246).