فَقَالَ
عَوفُ بْنُ مَالِكٍ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ مُنَافِقٌ، لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ
اللهِ صلى الله عليه وسلم.
فَذَهَبَ
عَوفٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُخْبِرَهُ، فَوَجَدَ الْقُرْآنَ
قَدْ سَبَقَهُ.
****
عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ
صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ﴾ [التوبة: 42- 43].
خرج المسلمون وصبروا
على المشقَّة وفيهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصيبُه ما أصابهم من الشدَّة
ومن الرمضاء ومن الحرِّ.
خرجوا وذهبوا ووصلوا
إلى تبوك ونزلوا فيه، فلمَّا عَلِم العدوُّ بقدومِهم إلى تبوك أصابه الرُّعب،
وتقهقر.
فنزل النَّبي صلى
الله عليه وسلم أيَّامًا في تبوك ينتظر قُدومهم ومجيئَهم، ولكنهم جَبُنوا، وألقى
الله الرعب في قلوبهم، ورجع المسلمون سالمين مأجورين، وتخلف المنافقون.
وأنزل الله في هذه
الغزوة سورةً كاملة هي سورة التوبة التي فضح الله فيها المنافقين وأثنى فيها على
المؤمنين، وهكذا حكمةُ الله سبحانه وتعالى يبتلي عبادَه.
فكان للمنافقين كلماتٌ،
منها ما في هذا الحديث؛ حيث قال رجلٌ منهم: «مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قُرَّائِنَا
هَؤُلاَءِ» يَعني بالقُرَّاء: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
«أَرْغَبَ بُطُونًا،
وَلاَ أَكْذَبَ أَلْسُنًا، وَلاَ أَجْبَنَ عِنْدَ اللِّقَاءِ!» وهذه الصِّفات في
الواقع هي صفات المنافقين، لكنَّهم وصفوا بها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم
وأصحابَه.
فقال عوف بن مالك: «كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ مُنَافِقٌ، لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم » وهذا مِن إنكار المنكر، ومن النصيحة لوُلاة الأُمور؛