فَجَاءَ
ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدِ ارْتَحَلَ
وَرَكِبَ نَاقَتَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ
وَنَتَحَدَّثُ حَدِيثَ الرَّكْبِ، نَقْطَعُ بِهِ عَنَاءَ الطَّرِيقِ.
قَالَ
ابنُ عُمَرٍ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَعَلِّقًا بِنِسْعَةِ نَاقَةِ رَسُولِ
اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّ الْحِجَارَةَ تَنْكُبُ رِجْلَيْهِ، وَهُوَ
يَقُولُ: إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى
الله عليه وسلم: ﴿أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ﴾ [التوبة: 65]، مَا
يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَمَا يَزِيدُهُ عَلَيْهِ ([1]).
****
فالمسلم يبلِّغهم مقالات المفسدين والمنافقين من
أجل أنْ يأخُذوا على أيدي هؤلاء، لئلا يُخِلُّوا بالأمن ويفرِّقوا الكلِمة، فتبليغ
وُلاة أمور المسلمين كلمات المنافقين ودعاة السوء، الذين يريدون تفريق الكلمة،
والتحريش بين المسلمين؛ هو من الإصلاح ومن النَّصيحة، لا من النَّميمة.
«فَذَهَبَ عَوْفٌ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُخْبِرَهُ، فَوَجَدَ الْقُرْآنَ قَدْ
سَبَقَهُ» لأنَّ الله سبحانه وتعالى سَمِعَ مقالتهم وأنزل على رسوله صلى الله عليه
وسلم الخبر قبل أن يصل إليه عوف.
فهذا فيه: سَعَةُ
علم الله سبحانه وتعالى.
وفيه: علامةٌ من
علامات النبوَّة، وأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان يُوحَى إليه ويَبلُغُهُ
الخبرُ بسرعة.
ثم جاء ذلك الرجل الذي تكلَّم بهذا الكلام - والعياذُ بالله - ووجد النَّبي صلى الله عليه وسلم: «وَقَدِ ارْتَحَلَ وَرَكِبَ نَاقَتَهُ» مِنْ أَجْل أن يُفسد على
([1])أخرجه: الطبري في «تفسيره» رقم (16911).