×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

«قَالَ: وَأَتَى الأَْعْمَى فِي صُورَتِهِ فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ وَتَقَطَّعَتْ به الْحِبَالُ فِي سَفَرِه فَلاَ بَلاَغَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ، شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي» فاعترف الأعمى بنعمة الله وقال: «قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ» يعني: خذ الذي تريده.

«فَوَاللَّهِ لاَ أَجْهَدُكَ» أي: لا أمنعك، «بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ»، وفي رواية: «لاَ أَحْمَدُكَ عَلَى شَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ» لأنَّه ليس مالي وإنما هو مالُ الله سبحانه وتعالى.

ثم ظهرت نتيجة الامتحان: «فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ مَالَكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ» يعني: اختُبِرْتُم أنت وصاحباك.

«وَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنْكَ» بسبب شكرك لنعمة الله عز وجل.

«وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ» بسبب كفرهم بنعمة الله عز وجل.

فهذا الأعمى فاز برضى الله تعالى وسلم عليه مالُه، أمَّا أولئك فعاقبهم الله وسَخِط عليهم، وهذه نتيجة الابتلاء والامتحان.

وهذا عامٌّ في كلِّ مَن كفر نعمة الله ومَن شكر نعمة الله عز وجل.

فدلَّت هاتان الآيتان وهذا الحديث العظيم على مسائل:

المسألة الأولى: فيه: أنَّ نسبة النعم إلى الله عز وجل توحيد، وأنَّ نسبتها إلى غيرِه شرك، لكن إنِ اعتقد أنَّ غيرَه هو الذي أوجدَها فهو شركٌ أكبر، وإن اعتقد أنَّ غيرَه سبب والله هو الذي أوجدها، ولكن نسبها إلى السبب فهو شركٌ أصغر؛ لأنَّه لا يجوز النِّسبة إلى الأسباب، حتى ولو كانت أسبابًا صحيحة، وإنَّما تُضاف النِّعم إلى الله سبحانه وتعالى ولهذا مَرَّ بنا


الشرح