×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

واختار هذا القول ابن كَثِير في «تفسيره»، وَطَعَنَ فيما رُوي عن ابن عبَّاس، وقال: «لعلَّه من الإسرائيليَّات».

ولكن الإمام ابن جرير يقول: «أَوْلى القولين هو القول الأوَّل» وهو الذي عليه أكثرُ المفسرين.

ويرجِّح القول الأوَّل: أنَّ الله سبحانه وتعالى ذكَر الضمير بلفظ التثنية، وأوَّل الآية لا شكَّ في آدم وحَوَّاء، وهو قوله: ﴿هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَجَعَلَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا [الأعراف: 189]، ولا شكَّ أنَّ المراد: آدم وحَوَّاء، ثم أعاد الضمائر إليهما، وهذا أُسلوب العرب؛ أنهم يذكُرون الاسم في الأوّل ثم يعيدون الضمائر إليه، إنْ كان مفرَدًا مفردًا، وإنْ كان مَثنى مَثنى، وإنْ كان جَمعًا فجَمعًا، هذا الأسلوب العربي. والضمائر هي: ﴿دَّعَوَا، ﴿رَبَّهُمَا، ﴿لَئِنۡ ءَاتَيۡتَنَا، ﴿فَلَمَّآ ءَاتَىٰهُمَا، ﴿جَعَلَا لَهُۥ شُرَكَآءَ، كلُّ هذه الضمائر ترجِع إلى آدم وحَوَّاء.

أمَّا آخِر الآية فهو الْتفاتٌ إلى الذريَّة، وهذا أسلوبٌ عربيٌّ معروف في لغة العرب، وذلك أنه لما ذكَر قصة آدم وحَوَّاء وفرَغ منها، انصرف إلى الذريَّة فقال: ﴿فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ أي: المشركون من العرب الذين بُعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمُعْظم الآية في آدم وحَوَّاء، وآخِرُها الْتفاتٌ إلى ذريَّة آدم وحَوَّاء، فكأنَّ الله سبحانه وتعالى يستنكر الشِّرك من أصله، الشِّرك الذي وقع من آدم وحَوَّاء، وهو شِركٌ أصغر، والشِّرك الأكبر الذي وقع من عَبَدَة الأَوْثان من ذريَّة آدم.


الشرح