أمَّا استدلالُهم
بقوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبۡتَغُوٓاْ
إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ﴾ [المائدة: 35]، وبقوله: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ
ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ
أَقۡرَبُ﴾ [الإسراء: 57]، فالآيتان لم يُرِد منهما اتِّخاذ وسائط بين الله وبين عباده.
وإنما معنى التوسُّل
في اللغة: التقرُّب، يقال: توسَّل إليه: تقرَّب إليه، ووسَل إليه: قَرُب منه،
والواسِل: اسم فاعل من وسَل، هو المتقرِّب، والوسيلة هي: السبب والطريق الذي
يُوصِل إلى الله سبحانه وتعالى والذي يُوصِل إلى الله: طاعتُه سبحانه وتعالى
وعبادته، وما شرَعه على أَلْسُن أنبيائه ورُسله. هذه الوسيلة.
والمخلوق وإن كان له
منزلة عند الله كالأنبياء والرُّسل والصالحين والأولياء، لكنَّ الله لم يَشْرَع
لنا أن نسأَل بمكانتهم ومنْزلتهم عنده، وإنما أمَرنا أن نتوسَّل إليه بعمَلنا نحن
لا بعمَل غيرِنا، بأن نُطِيع الله ونتقرَّب إليه، أمَّا أنَّ فلانًا له عند الله
مكانة وله جاهٌ، فهذا ليس من عمَلنا وليس لنا فيه شيء، هذا خاصٌّ بهم، والله لم
يشرَع لنا أن نسأَله بجاه أحد، ولا بذات أحد، ولا بمنزلة أحدٍ عنده سبحانه وتعالى.
هذا كلُّه باطل.
وإذا تبيَّن أنَّ الوسيلة المذكورة في القرآن هي الطاعة، وهي التي تقرِّب إلى الله عز وجل وتُدني من الله عز وجل وأنَّ اتِّخاذ الوسائط من الخَلْق بين الله وبين عبادِه لم يَشْرَعْهُ الله ولا رسوله؛ وجَب علينا التقرُّب إلى الله بطاعته. والتوسُّل إن صحِبَه شيءٌ من التقرُّب إلى المخلوق كالذَّبح له