وهذا توسُّل بدعاء
الصالحين، وكما توسَّل معاوية رضي الله عنه بيزيد الجُرَشِيِّ، وغيرُهم.
أمَّا الميِّت فلا
يجوز أن تطلُب منه شيئًا، فلا يجوز أن تذهَب إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم أو
قبر غيره من الصالحين وتقول: «ادعُ الله لنا»؛ لأنَّ الصحابة ما كانوا
يذهبون إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، بل إنهم لمَّا أجدَبوا وما بينهم وبين
قبر الرسول إلا أمتار ما ذهَبوا إليه، إنما طلَبوا من العبَّاس؛ لأنَّ العبَّاس
حيٌّ حاضر يستطيع أن يدعُو، أمَّا الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه ميِّت، ولا يجوز
أن يُطلب من الميِّت شيء، لا دعاء ولا غيره.
النوع الثالث: التوسُّل إلى الله بالأعمال الصالحة، مثل: حديث أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة وسدَّت عليهم المَخْرَج فكلٌّ منهم توسَّل إلى الله بالعمل الذي قدَّمه لله عز وجل: هذا توسَّل بعِفَّته عن الحرام، وهذا توسَّل ببِرِّه بوالديه، وهذا توسَّل بأمانته وحِفظه لحقِّ الأجير حتى جاء وأعطَاه إيَّاه، ففرَّج الله عنهم، وكما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعۡنَا مُنَادِيٗا يُنَادِي لِلۡإِيمَٰنِ أَنۡ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمۡ فََٔامَنَّاۚ رَبَّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرۡ عَنَّا سَئَِّاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلۡأَبۡرَارِ﴾ [آل عمران: 193] توسَّلوا إلى الله بإيمانِهم بالرسول صلى الله عليه وسلم: ﴿رَبَّنَآ ءَامَنَّا بِمَآ أَنزَلۡتَ وَٱتَّبَعۡنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ﴾ [آل عمران: 53] توسّلوا إلى الله بإيمانهم واتِّباعهم للرسول صلى الله عليه وسلم. والتوسُّل بالتوحيد: «أسأَلك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت»، وكما توسَّل ذو النُّون عليه الصلاة والسلام وهو في بطن الحُوت: ﴿فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ أَن لَّآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنتَ سُبۡحَٰنَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [الأنبياء: 87].