وقولُه تعالى: ﴿وَلِلَّهِ
ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ﴾ [الأعراف: 180] إخبارٌ من الله جل
وعلا أنَّ له الأسماء وأنَّها حُسنى.
والحُسنى أي:
البالغة في الحُسن أعلاه، لا شيء أحسن منها، فالحُسنى هي: المتناهِية في الحُسن،
فكلُّ أسماء الله حُسنى.
ولا يعلَم عددها إلا
الله سبحانه وتعالى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَسْأَلُكَ بِكُلِّ
اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ
عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ
عِنْدَكَ» ([1])، فالله جل وعلا له
أسماء كثيرة، منها ما أنزَله في كتابه، ومنها ما علَّمه بعضَ خلْقه ولم يُنزله في
كتابه.
وأمَّا قولُه صلى
الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مَنْ أَحْصَاهَا
دَخَلَ الْجَنَّةَ» ([2]) فليس المراد
الحصْر، وإنما هذه التسعة والتسعين مَوصوفة بأنَّ مَن أحصَاها دخل الجنة، وليس
المعنى: أنها مُنتهى أسماء الله تعالى، وأن أسماء الله محصورة فيها.
ومعنى إحصائها:
عدُّها، ومعرفة معناها، والعمل بمقتضاها. أما مجرَّد أنه يكتُبها، أو يعدُّها
عدًّا فقط، وهو لا يعرِف معانيَها، أو أنه يعرف معانيَها لكنه لا يعمَلُ بها فإنه
لا يحصُل على هذا الوعْد الكريم.
أمَّا ما جاء في رواية التِّرمذي من عدِّ هذه الأسماء، فهذا لم يَثْبُت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو مُدْرَجٌ في الحديث من عمل بعض الرواة.
([1])أخرجه: أحمد رقم (3712)، والحاكم رقم (1877)، والطبراني في «الكبير» رقم (10352).