والمعروف: ضدُّ المنكَر،
والمراد به هنا: الخير، يعني: مَن أسْدَى إليك خيرًا من مال أو جاه أو كلام طيِّب
أو غير ذلك، فكلُّ هذا من المعروف، فإنَّه يجب عليك أن تكافِئه، بمعنى: أن تفعَل
له من المعروف مثل ما عمِل لك، وتقابِل إحسانه بالإحسان، وهذا من باب المكافأة من
ناحية، وأيضًا فيه قَطعٌ للمِنَّة من ناحية أُخرى، لأنك لو لم تُكافِئه بقِيَ له
مِنَّة عليك، ورِقٌّ مِنك له.
حتى ولو كان صانعُ
المعروف كافرًا فإنك تُكافئه على معروفه؛ لأنَّ هذا من باب مكارم الأخلاق ومن باب
قَطْع المِنَّة ومن باب جزاء الإحسان بالإحسان: ﴿هَلۡ
جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ﴾ [الرحمن: 60]، وقال تعالى: ﴿لَّا
يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ
يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ إِنَّ
ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]، هذا في الكافر الذي يحسِن إلى المسلم فالمسلم
يُكافِئه، بل يتأكَّد في حقِّ المسلم مكافأة الكافر على صنيعهِ ليقطَع مِنَّتَهُ
عليه، ولا يكون منه رِقٌّ للكافر، ولأنَّ هذا يدخُل في باب الدعوة إلى الله عز وجل
فإذا رأى الكفَّار من المسلمين هذه الأخلاق الطيِّبة والفاضلة كان ذلك مَدْعاة
لدخولهم في الإسلام.
«فَإِنْ لَمْ
تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوا به فَادْعُوا لَهُ» أي: ادعُوا له بالخير
والتيسير والتوفيق.
«حَتَّى تَرَوْا» بضمِّ التَّاء، يعني: تظنُّوا، ويجوز الفتح، بمعنى: تعلَموا.