من النصر ﴿مِنكُم
مَّن يُرِيدُ ٱلدُّنۡيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَۚ ثُمَّ صَرَفَكُمۡ
عَنۡهُمۡ لِيَبۡتَلِيَكُمۡۖ وَلَقَدۡ عَفَا عَنكُمۡۗ﴾ [آل عمران: 152] هذا تطمينٌ
للمسلمين، بعد العِتاب طمأَنهم بأنهم قد عفَى عنهم لِمَا لهم من السَّوابق والفضل،
لكن هذه عقوبة على المعصية، ﴿وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَلَى
ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [آل عمران: 152]، إلى قوله سبحانه وتعالى: ﴿ثُمَّ
أَنزَلَ عَلَيۡكُم مِّنۢ بَعۡدِ ٱلۡغَمِّ أَمَنَةٗ نُّعَاسٗا يَغۡشَىٰ طَآئِفَةٗ مِّنكُمۡۖ وَطَآئِفَةٞ قَدۡ أَهَمَّتۡهُمۡ أَنفُسُهُمۡ﴾ [آل عمران: 154] كان المسلمون في
حالة الخوف الشديد، وقد أنزَل الله عليهم النَّوم؛ لأنَّ النَّوم أمان، فصار
النَّوم فارقًا بين المؤمنين وبين المنافقين. المؤمنون أصابهم النَّوم وهذا أمانٌ
من الله سبحانه وتعالى والمنافقون ما ذاقوا غَمْضًا من الفزَع ومن الخَوف
والجُبْن.
﴿يَظُنُّونَ
بِٱللَّهِ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ ظَنَّ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِۖ﴾ [آل عمران: 154] هذا هو السبب،
المؤمن يظنُّ بالله ظنَّ الحقِّ وأنه قادمٌ على ربه، وما عند الله خيرٌ له وأبقى،
فهو يظنُّ بربِّه ظنَّ الحقِّ، يُحسِن الظنَّ بالله عز وجل فلذلك لا يخاف من
الموت، لأنه يؤمن بالله عز وجل ويُحسِن الظنَّ بالله وأنه قادمٌ على ربٍّ كريم
ووعْدٍ من الله سبحانه وتعالى فهو مُطْمَئنٌّ، وأمَّا المنافقون فإنهم يظنُّون
بالله ظنَّ السوْء.
﴿يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ مِن شَيۡءٖۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَمۡرَ كُلَّهُۥ لِلَّهِۗ يُخۡفُونَ فِيٓ أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبۡدُونَ لَكَۖ يَقُولُونَ لَوۡ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٞ مَّا قُتِلۡنَا هَٰهُنَاۗ﴾ [آل عمران: 154] هذا هو محلُّ الشاهد: ﴿لَوۡ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٞ مَّا قُتِلۡنَا هَٰهُنَاۗ﴾، أرجَعوا سبب القَتْل إلى أنهم ليس لهم تدبير، ولو كان لهم تدبير ما قُتِلوا. فردَّ الله عليهم بقوله: ﴿قُل لَّوۡ كُنتُمۡ فِي بُيُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ