«وأنَّ
أمرَهُ سيضمحلُّ» وهذا تكذيبٌ لقولِه تعالى: ﴿لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى
ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ﴾ [التوبة: 33]، والتكذيب لوعد
الله كفر.
«وفُسِّر بأن ما
أصابه لم يكن بقدر الله وحكمته؛ ففُسِّر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن
يُتِمَّ أمرَ رسولِه صلى الله عليه وسلم، وأن يُظهره على الدين كلِّه» يعني في ذلك ثلاثة
تفاسير: إنكار الحكمة في أفعاله سبحانه وتعالى وإنكار الحكمة: كفرٌ وضلال؛ لأنَّ
الله وصف نفسَه بالحكمة، وسمَّى نفسَه بالحكيم: ﴿حَكِيمٍ
خَبِيرٍ﴾ [هود: 1]، ﴿حَكِيمٌ عَلِيمٞ﴾ [الأنعام: 83] في كثيرٍ من الآيات.
والحكمة: وضعُ الشيء
في موضعه؛ فمَن أنكر حكمة الله فإنَّه يكفر بذلك، بخلاف مَن أثبتها وأوَّلها
فإنَّه يُعتبر ضالًّا في هذا التأويل؛ لأنَّ الله جل وعلا حكيم لا يفعل شيئًا
إلاَّ لحكمة عظيمة، قد تظهر لنا وقد لا تظهر، والله جل وعلا لا يفعل شيئًا عبثًا،
ولا يفعل شيئًا لمجرَّد المشيئة من غير حكمة، إنَّما يفعل الأفعال لحكمة وغايةٍ
عظيمة، كلُّ أفعاله سبحانه وتعالى معلَّلة وكلُّها لحكمة.
وليس من لازم ذلك:
أن تظهر لنا الحكمة أو يظهر لنا التعليل، لكنَّنا نقطع ونؤمن ونتيقَّن أنَّ أفعال
الله جل وعلا ليس فيها عبث.
«وإنكار القدَر» وهذا - أيضًا -
كفرٌ بالله؛ لأنَّ القدر -كما سبق- هو الركن السَّادس من أركان الإيمان.
«وإنكار أن يُتِمَّ أمرَ رسولِهِ صلى الله عليه وسلم، وأَنْ يُظهِرَهُ على الدِّين كلِّه» وهذا هو التفسير الثالث، وهو أنَّ الله لا يَنصر رسولَه، وهذا تكذيبٌ لقولِه