×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

الباطل على الحق إدالةً مستقرَّة، الله قد يُديل الباطل على الحقِّ أحيانًا، لكن هذه الإدالة مؤقَّتة وليست مستقرَّة، وإدالتُه على الحقِّ لحكمة، وهي أنَّ أهلَ الحق يتنبَّهون ويتداركون الخطأ والنقص الذي حصل فيهم: ﴿وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ [آل عمران: 141]، يعني: يطهِّرهم من رجس الذنوب والمعاصي بما نزل عليهم من العُقوبة؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿مَن يَعۡمَلۡ سُوٓءٗا يُجۡزَ بِهِۦ [النساء: 123]، ولَمَّا شقَّ على أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - قال: أيُّنا لم يعمل سوءًا يا رسول الله؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَلَسْتَ تَحْزَنُ؟ أَلَسْتَ تَنْصَبُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللأَّْوَاءُ؟»، قَالَ: بَلَى، قَالَ: «فَهَذَا مَا تُجَازَوْنَ بِهِ» ([1]).

فالله جل وعلا قد يُجازي عبدَه المؤمن وهو يحبُّه، وعاقبَه لأنَّه يحبُّه؛ من أجل أَنْ يخلِّصَهُ من هذا الذنب، حتى يوافيَ ربَّه طاهرًا نقيًّا ويدخُل الجنَّة.

أمَّا الكافر عدوُّ الله فإنَّ الله يصبُّ عليه النِّعَم للاستدراج، ويُمسكُ عنه بالعُقوبة حتى يوافيَ القيامة وهو محمَّلٌ بالذُّنوب فيكون من أهل النَّار، هذه حكمة الله سبحانه وتعالى.

بعض النَّاس يقول: لماذا الكُفَّار ينعَمون بالحضارة والصناعات، والجوِّ الطيِّب، والبيئةِ الطيِّبة، والفواكه، والأشجار، والمحاصيل، والمسلمون في هذه الحالة، ثم يذهب به ظنُّ السَّوء إلى أن يظنَّ أنَّ الكفَّار على الحقِّ، وأنَّ اللهَ راضٍ عنهم، وأنَّ المسلمين ليسوا على حقٍّ وأنَّ الله ساخطٌ عليهم، ثم قد يرتدُّ عن الدين.


الشرح

([1])أخرجه: أبو يعلى في «مسنده» رقم (98)، وابن راهويه في «مسنده» رقم (98).