وأكثرُ
النَّاس يظنُّون بالله ظنَّ السَّوء فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم
من ذلك إلاَّ مَن عرف الله وأسماءه وصفاتِهِ وموجب حكمته وحمده.
فليعتَنِ
اللَّبيب الناصح لنفسه بهذا، وليتب إلى الله، وليستغفرْهُ من ظنِّه بربَّه ظنَّ
السَّوء.
****
فالله جل وعلا يعطي
الدنيا مَن يحبُّ ومَنْ لاَ يُحِبُّ، وأما الدِّين فإنَّه لا يُعطيه إلاَّ لمن
يحبُّ.
وليس إنزال النعم أو
إنزال النِّقَم دليلاً على المحبَّة أو على البُغض والكرَاهة وإنَّما هو ابتلاء
وامتحان، فقد يعاقبُ الله مَن يحبُّه وقد يُنعم على مَن يُبغِضُه في هذه الدُّنيا:
﴿وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ خَيۡرٞ
لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِثۡمٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ﴾ [آل عمران: 178].
فهذا يجب أن يكون من
المؤمن على بال، لكن ما يُدرك هذا إلاَّ أهل الفقه وأهل العلم وأهل البصيرة وأهل
النظر الصَّائب.
ثم قال ابن القَيِّم رحمه الله: «فليعتنِ اللَّبيبُ النَّاصحُ لنفسهِ بهذا» فيتأمَّلْهُ تأمُّلاً جيِّدًا، وهو أمر أفعالِ الله تعالى في عِباده، ولْيَعْلَمْ أنَّه لا يفعل شيئًا إلاَّ لحكمة وقضاءٍ وقدر، ما يجري في هذا الكون شيءٌ إلاَّ لحكمة وقضاء وقدر، ولم يعد اللهُ بوعد إلاَّ ولا بدَّ أَنْ يقعَ، ويتأمَّل الإنسان نفسه حِيال هذه الحوادث: ماذا تقولُ نفسُه إذا وقع شيءٌ ممَّا يكره به أو بغيره، ولهذا يقول الإمام ابن القيِّم: «وأكثر النَّاس يظنون بالله ظنَّ السَّوء فيما يختص بهم، وفيما يفعلُه بغيرهم».