ولو
فتَّشتَ مَن فتَّشتَ؛ لرأيت عنده تعنُّتًا على القدر وملامةً له، وأنَّه كان ينبغي
أن يكون كذا وكذا. فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك هل أنت سالم؟
****
وهذا موجودٌ في بعض
بني آدمَ: «ولو فتَشتَ مَن فتَّشتَ؛ لرأيتَ عندَهُ تعنُّتًا على القدرِ
ومَلامَة له» كما كان من إبليسَ، وما نتج عن تكبُّر إبليس وتعنُّته على الله
جل وعلا.
وكذلك بالنسبة
لِمَنْ تشبَّه به في الاعتراض على الله في أفعالِهِ سبحانه وتعالى وفي تصرُّفه في
مُلْكِهِ جل وعلا وأنَّه ينبغي أن يكون كذا وكذا.
ثم قال: «وفتِّش
نفسَك هل أنت سالم؟» يجب على الإنسان أن لا يزكِّي نفسه أبدًا، يقول الله جل
وعلا: ﴿فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡۖ﴾ [النجم: 32]، ﴿أَلَمۡ
تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمۚ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ
وَلَا يُظۡلَمُونَ فَتِيلًا﴾ [النساء: 49] فالإنسان لا يزكِّي نفسه، بمعنى: يمدح نفسه
ويُعجب بنفسه، ويظنُّ أنه كامل، وأنَّه من الأخيار، بل دائمًا الإنسان يتَّهم
نفسَه بالتقصير في حقِّ الله تعالى.
أمَّا التزكية التي
أثنى الله تعالى على أصحابها في قوله: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن
زَكَّىٰهَا﴾ [الشمس: 9] فالمراد بتزكية النفس هنا تطهيرُها بالأعمال الصالحة وترك الأعمال
السيِّئةِ، هذه تزكية النفس، شَغْلُهَا بالأعمال الصَّالحة وتجنيبُها للأعمال
السيِّئَةِ.
فهناك تزكيةٌ منهيٌّ عنها وهي: الإعجاب والمدح للنفس، وهناك تزكية مأمورٌ بها وهي الإصلاح والتوبة والعمل الصالح: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا﴾ [الشمس: 9].