السَّاعة، لا يخرُج
عَن هذا شيءٌ في هذا الكون أبدًا، لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل، لا
من الخير ولا من الشَّر، لا من المحبوب ولا من المكروه، كلُّه مكتوبٌ ولا بدَّ
أَنْ يقَعَ.
وقوله صلى الله عليه وسلم:
«إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ تعالى الْقَلَمَ» يَدلُّ بظاهره على
أنَّ القلم أوَّل المخلوقات، ولكن هناك أحاديثُ تدلُّ على أنَّ العرش هو أوَّل
المخلوقات، مثل حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «أَنَّ اللَّهَ
قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلاَئِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضَ
بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِِ» ([1])، وكذلك في حديث
عِمران بنِ حُصين في «الصحيحين» وغيرِهما ما يدلُّ على أنَّ أوَّل المخلوقات هو
العرش، وهذا الحديث دلَّ على أنَّ أوَّل المخلوقات هو القلم، فكيف الجمع بين
الأحاديث؟
اختلف العلماء في
ذلك على قولين:
القول الأوَّل: أنَّ أوَّل
المخلوقات هو العرش، وأنَّ القلم خُلق بعدَه، فيكون قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ
أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ تعالى الْقَلَمَ، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ» أن
الكتابة متعقِّبة لخلق القلم؛ فهي جارية من أوَّل ما خلق الله القلَم.
والقول الثَّاني: العمل بظاهر هذا الحديث، وأنَّ القلم هو أوَّل المخلوقات مطلَقًا، قبل العرش؛ لأنَّ هذا هو ظاهر هذا الحديث، وهذا قولٌ لجمعٍ من أهل العلم.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4700)، والترمذي رقم (2155)، والضياء رقم (336).