وَفِي
رِوَايَةٍ لابْنِ وَهْبٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ لَمْ
يُؤْمِنْ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ أَحْرَقَهُ اللهُ بِالنَّارِ».
وفي «المسند»
و«السنن» عَنْ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: «أَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ
فَقُلْتُ: فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنْ الْقَدَرِ، فَحَدِّثْنِي بِشَيْءٍ لَعَلَّ
اللَّهَ تعالى أَنْ يُذْهِبَهُ مِنْ قَلْبِي».
****
«ولابن وهب» عبد الله بن وهب:
الإمام المحدِّث، من أصحاب الإمام مالك، توفِّي على رأس المائة الثَّانية، وله
مؤلَّفات مشهورةٌ في الحديث والرِّواية.
قال: «فَمَنْ
لَمْ يُؤْمِنْ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ أَحْرَقَهُ اللهُ بِالنَّارِ»
هذا نوعٌ آخر من الوعيد، وهو أنَّ مَن أنكر القضاء والقدر فإنَّ الله يُحرقه
بالنَّار، فدلَّ على أنَّ الإيمان بالقضاء والقدر أمرٌ واجب، وأنَّ إنكاره موجبٌ
لدخول النَّار إمَّا لكفره وإمَّا لبدعته؛ فالمنكر للقضاء والقدر إنْ كان مع هذا
يجحد علمَ الله جل وعلا فهذا كفر كما عليه غُلاة القدرية، لأنَّهم ينكرون علمَ الله
جل وعلا ويقولون: «إنَّ اللهَ لا يعلم الأشياء إلاَّ إذا وقعت، والأمرُ أُنُف»
يعني: مستأنَف لم يسبِق له تقديرٌ ولا علم، هذا كفرٌ صريح.
أمَّا إن كانوا
يُقرُّون بالعلم ويُنكرون القدر فهذا بدعة شنيعة والعياذ بالله، قد تقرُب مِن
الكفر، وهو ما عليه متأخِّروهم.
قال: «وفي
المسند» و«السنن» المسند هو: «مسندُ الإمامِ أحمد»، والمراد بالسنن هنا: «سنن
أبي داود» و«سنن ابن ماجه».
«عَنْ ابْنِ
الدَّيْلَمِيِّ» ابن الدَّيْلَمي هو: عبد الله بن فَيْرُوز الدَّيْلَمي، أحد كبار
التَّابعين، وأبوه فيروز الذي قَتل الأسود العَنْسي الذي ادَّعى