×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

فيه، فكان أوَّل مَنْ لَقِيا: عبد الله بن عمر - رضي الله تعالى عنهما - وقد وفَّقهما الله لهذا الصحابي، العالِم الجليل، لقياه وهو يدخُل إلى المسجد الحرام؛ فأمسكا بكتفَيْه، فقالا: يا أبا عبد الرحمن، حَدَث عندنا في البصرة رجلٌ يقول كذا وكذا.

فكان جواب عبد الله بن عمر: أنَّه أقسم بالله: «لَوْ كَانَ لأَِحَدِهِمْ» أي: هؤلاء الذين يُنكرون القدر.

«مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا» هذا أبلغ تقدير وأكثر تقدير.

«ثُمَّ أَنْفَقَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ» النفقة في الجهاد في سبيل الله من أعظم النفقات أجرًا، فهو مبلغٌ كبيرٌ صُرِف في مصرِفٍ عظيم، يُرجى لصاحبِه الأجرُ العظيمُ، ولكن هؤلاء إذا أنفقوا هذا المبلغَ في هذا المصرِفِ العظيم وهم يُنكرون القدَرَ فَإِنَّ الله لا يتقبَّلُه منهم؛ لأنَّهم لم يؤمنوا بالله عز وجل واللهُ لا يقبل إلاَّ من المؤمنين: «مَا قَبِلَهُ اللهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ» فدلَّ هذا على كفرِهِمْ، لأَِنَّهُم لم يؤمنوا بالقضاء والقدر.

ثم إنَّ ابن عمر لم يقل هذا القولَ من عندِهِ لَمَّا قال هذه المقالةَ العظيمة، بل ذكر دليلَها من سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلُّ مَن قال قولاً في الإسلام فلا بدَّ أن يذكُر دليلَه من كتاب الله أو من سنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يكن له دليل فإنْه مردودٌ عليه.

ولذلك ابن عمر لَمَّا ذكر هذه المقالة وهذا الجواب ذكر دليلَه من سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «حدَّثَنِي أَبِي» عمرُ بن الخطَّاب رضي الله عنه: «قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ؛ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا


الشرح