×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

قال صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَومٌ» «قَومٌ» بالرفع، هذا في كثيرٍ من الروايات، وهو مخالفٌ للوجه اللُّغوي؛ لأنَّ الوجه اللُّغوي: أنَّ يكون بالنصب؛ لأنَّه اسم لـ «إنَّ»، و «إنَّ» تنصِب الاسم وترفع الخَبَر.

وبعض المحدِّثين يقول: «إنَّ قومٌ» مرفوعٌ بفعلٍ محذوف، تقديره: «يجيء قومٌ»، فحُذفت «يجيء» وبقيت «قومٌ».

«قَوْمًا يَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ» أي: يشهدون بدون أَنْ تُطلَبَ مِنهم الشهادة، بل يبادرون بها، ويتسارَعون بالشهادة مِن دون أن تُطلب منهم، فهذا دليل على استخفافهم بالشهادة ومسارعتهم إليها لقلَّة ديِنهم وقلَّة أمانتهم؛ لأنَّ الشَّاهد يجب عليه أن يكون أمينًا في شهادته ولا يشهد إلاَّ بالحقِّ: قال تعالى: ﴿وَلَا يَمۡلِكُ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ [الزُّخرُف: 86] يعلمون ما شهدوا به، ويتيقَّنونَه، ولا يشهدون بموجِب الخرْص والظنِّ، وإنَّما يشهدون بشيء يعلمونه ويتأكَّدونه.

ثم أيضًا: لا يسارعون بالشهادة إلاَّ إِذَا طُلبت منهم، فإذا سارعوا بالشهادة قبل أَنْ تُطلَبَ منهم فهذا دليلٌ على استخفافهم بها، وهذا نقضٌ في التَّوحيد، فيكون فيه مطابَقة للترجمة وهي قول الشيخ رحمه الله: «باب ما جاء في كثرة الحلف» لأنَّ الشهادة حلف؛ كما قال تعالى: ﴿إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ ١ ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [المنافقون: 1- 2]، فسمَّى الشهادة يمينًا، وهذا يتضمَّن كثرة


الشرح