فهذه ثلاثة أنواع
مِن الوعيد: «لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ».
ثم بيَّنهم صلى الله
عليه وسلم بعدما أجملهم، وذكر وعيدَهم تطلَّعت الأنظار إلى معرفتهم مِن أجل أن
يُجتنب ما هم عليه، لأجل أن لا يكون الإنسان مثلَهم:
فقال: «أُشَيْمِطٌ»
خبر لمبتدأ مقدَّر، تقديره: هم أُشيمط إلى آخره؛ والأُشَيْمِط: تصغير «أَشْمَط»،
والأَشْمَطُ هو: الذي بدأَهُ الشَّيْب، وصغَّره تحقيرًا له.
«زَانٍ» أصله «زَانٍي»
بالياء، ثم حُذِفَت الياءُ تخفيفًا، وهو صفةٌ لـ «أُشَيْمِطٌ» مرفوع،
وعلامة رفعه: الضمَّة المقدَّرة على الياء المحذوفة، منع من ظهورها الثِّقَل.
الزنا قبيح، وكبيرةٌ
من كبائر الذُّنوب، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقۡرَبُواْ
ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا﴾ [الإسراء: 32]، فهو قبيح، مستهجَن، ومرض فتَّاك في المجتمعات، مدمِّرٌ للأخلاق، مدمٍّرٌ
للمجتمع، مفسِدٌ للنسل، إلى غير ذلك مِن الآفات التي في الزِّنَا، وهو موجبٌ لغضب
الله، وموجبٌ للعقوبة الآجلة والأمراض الفتَّاكة في المجتمع.
فالزِّنا قبيح بكلِّ معاني القُبح، ولكنَّه يقبُح مِن بعض النَّاس أكثر وأكثر؛ فالزنا من مثل هذا الأُشيمِط قبيح؛ لأنّ الأُشيمِط لَمَّا أصابَه الشيب كان الواجب أن يكون أبعد النَّاس عن الزِّنا؛ لأنَّه ضعُفت فيه الشهوة وداعي الزنا، وأيضًا هو يتطلَّع إلى الموت والانتقال إلى الدَّار