لكن العائل ليس عنده
سبب للكبر، فاستكبارُه من باب السجيَّة القبيحة فيه؛ لأنَّه استكبر مِن غير سبب،
فدلَّ على أنَّ الكبر سجيَّة فيه وطبيعةٌ فيه، لا من أجل سبب خارجيٍّ، فلذلك صار
استكبارهُ أشدَّ مِنِ استكبار الغنيِّ.
والثَّالث: - وهو محلُّ
الشَّاهد مِن الحديث للباب -: «رَجُلٌ جَعَلَ اللَّهُ بِضَاعَتَهُ» هذا
عامٌّ للرجال وللنساء، ولكن ذكر الرِّجال مِن باب التغليب، وإلاَّ فهو عامٌ للرجال
وللنِّساء».
«جَعَلَ اللَّهُ
بِضَاعَتَهُ»، «جَعَل» فعل ماض من الأفعال التي تنصبُ مفعولَيْن: المفعول الأول «الله»
والمفعول الثاني: «بضاعَتَه».
ومعنى «جَعَلَ
اللَّهُ بِضَاعَتَهُ»: أنَّه لا يشتري إلاَّ بيمينه ولا يبيع إلاَّ بيمينه،
كما فسَّره صلى الله عليه وسلم بقوله: «لاَ يَشْتَرِي إِلاَّ بِيَمِينِهِ،
وَلاَ يَبِيعُ إِلاَّ بِيَمِينِهِِ».
ومحلُّ الشَّاهد هو الجملة الأخيرة «وَرَجُلٌ جَعَلَ اللَّهُ بِضَاعَتَهُ لاَ يَشْتَرِي إِلاَّ بِيَمِينِهِ، وَلاَ يَبِيعُ إِلاَّ بِيَمِينِهِ»، فهو يُكثر مِن الحِلف بالله تهاوُنًا؛ فكان جزاؤه هذه العقوبات الثلاث: لا يكلِّمُه الله، ولا يزكِّيه، وله عذابٌ أليم - والعياذُ بالله - وهذا مثل قولِه تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَيۡمَٰنِهِمۡ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَٰٓئِكَ لَا خَلَٰقَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيۡهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ﴾ [آل عمران: 77].