وروي
عن ابن عبَّاس قال: «ما السموات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلاَّ كخردلة
في يد أحدِكم» ([1]).
قوله: «رُوِيَ عن ابن عبَّاس
قال: «مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ، وَالأَْرْضُونَ السَّبْعُ فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ
إِلاَّ كَخَرْدَلَةٍ فِي يَدِ أَحَدِكُمْ»» تقدَّم معنى هذا من الآية
والأحاديث، وأنَّ الله سبحانه وتعالى يطوِي السموات فيأخذها بيده اليُمنى، ويطوي
الأرضين السبع فيأخذهن بشمالِه، ثم يقول: «أنا الملِك...» إلى آخره، وفي هذا الأثر
ما يؤيِّد ما سبق، أو يوافق ما سبق.
«مَا السَّمَوَاتُ
السَّبْعُ، فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ إِلاَّ كَخَرْدَلَةٍ» أي: أنَّه سبحانه
وتعالى يطوي السموات السبع ويقبضُها بيده اليُمنى، ويطوي الأرَضين السبع فيأخذهنَّ
بشماله، فتكون في كفِّه سبحانه وتعالى كخردلة، والخردلة هي: أصغر شيء، حبَّة صغيرة،
يُضرب المثل بصغرِها.
فهذه السموات
العظيمة في كَفِّ الرحمن والأَرَضون الواسعة وما فيها في كفِّ الرحمن كالخردلة في
يد واحدٍ منَّا، هذا تشبيه لصغر هذه المخلوقات بالنسبة إلى الله، كصغر حبَّة
الخردل في يد المخلوق، وليس هو من تشبيه الله سبحانه وتعالى أو صفة من صفاتِه
بصفات المخلوقين، وإنَّما هو تشبيه لصغر المخلوقات بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى
بصغر حبَّة الخرْدل بالنسبة ليد المخلوق.
وهذا من باب ضرب الأمثال التي تقرب بها المعاني ويوضح المقصود.
([1])أخرجه: ابن بطه في «الإبانة» رقم (237).