منهم: ﴿سَوَآءٞ
مِّنكُم مَّنۡ أَسَرَّ ٱلۡقَوۡلَ وَمَن جَهَرَ بِهِۦ وَمَنۡ هُوَ مُسۡتَخۡفِۢ
بِٱلَّيۡلِ وَسَارِبُۢ بِٱلنَّهَارِ﴾ [الرعد: 10] فالله جل وعلا لا
يخفى عليه شيء على كثرة العباد، وتفرُّقهم في الأرض، واختلاف أمكنتهم، وتبايُن ما
بينهم وخفاء أعمالِهم فإنَّ الله جل وعلا يعلمُها: ﴿يَعۡلَمُ
ٱلسِّرَّ وَأَخۡفَى﴾ [طه: 7] أي أخفى من السِّرِّ، بل يعلم ما في النَّفس وما في
القلب قبل أن يتكلَّم الإنسان الله يعلم ما يختلج في نفسك وما يدور في فِكْرك قبل
أن تتكلَّم وقبل أن تعمل، فالله جل وعلا لا يخفى عليه شيء، وهو العليُّ الأعلى
فوقَ مخلوقاتِه سبحانه.
يُستفاد من هذه
النصوص فوائد عظيمة جليلة:
أوَّلاً: فيه قَبُول الحقِّ
مِمَّن جاء به، فإنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَبِلَ الحقَّ مِنْ هَذا
اليهوديِّ وفرح به عليه الصلاة والسلام.
ثانيًا: في هذه النُّصوص
مشروعيَّة التحدُّث عن آياتِ اللهِ الكونيَّةِ، مِن أجل الاعتبار والاتَّعاظ،
وتعظيم الله سبحانه وتعالى وإفرادِه بالعبادة، وليس التحدُّث بهذه الأمور هو من
باب الاستطلاع أو زيادة المعلومات فقط، وإنَّما هو من أجل الاعتبار والاتَّعاظ
والاستدلال على استحقاق الله جل وعلا للعبادة دونما سواه، هذا هو المطلوب.
ثالثًا: فيها إثبات اليدين لله جل وعلا والكف، والأصابع، ووصف يديه باليمين والشِّمال، وفي حديثٍ آخر: «وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ» ([1])، فهي شِمال لكنَّها ليست كشِمال المخلوق، شِماله يمين، خلاف المخلوق فإنَّ
([1])أخرجه: مسلم رقم (1827).