﴿مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا نَمُوتُ وَنَحۡيَا وَمَا
يُهۡلِكُنَآ إِلَّا ٱلدَّهۡرُۚ﴾ [الجاثية: 24] يقولون: ليس لنا ربٌّ يتصرَّف فينا، وإنَّما هذا
الوُجود إنَّما هو نتيجة الطَّبيعة والصُّدفة ليس له ربٌّ أوجده وخلقه، وإنَّما
يتفاعل هذا الوُجود بنفسه، فتتكوَّن هذه الأشياء من تفاعُلِ هذا الكون، ويجحدون
وُجود الخالق سبحانه وتعالى وهؤلاء يقال لهم: المعطِّلة الدهريَّة.
وقد ردَّ الله تعالى
عليهم بقوله: ﴿أَمۡ
خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ ٣٥ أَمۡ خَلَقُواْ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ﴾ [الطور: 35-36]، وردَّ عليهم
بقوله: ﴿وَمَا
لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ [الجاثية: 24]، لأن القول لا بد
أن يكون مستندًا إلى بُرهان، وأين بُرهانهم؟ لأن البرهان إنما على أنَّ هذا الخلْق
له خالق، هذا هو البُرهان الذي تقرِّه الفطر والعقول.
فلا يُتصوَّر ولا
يُعقل أن يوجَد مخلوق بدون خالق، لا عاقل في الدُّنيا يتصوَّر أنَّ هذا الكون وُجد
بدون خالق؛ لأن هذا من باب العبث بالعُقول، هل تجدون - مثلاً - أنَّ قصرًا تكوَّن
بدون عمال وبدون بانٍ؟ هذا محال هل تجدون - مثلاً - شجرة وُجدت بدون أسباب وبدون
بِذار وبدون سقي؟ لا بدَّ من أسباب.
وهذا يقال إنَّ الإمام أبا حنيفة رحمه الله جاءه جماعة من الملاحدة وقالوا: نريد المناظرة، فقال لهم رحمه الله: قبل المناظرة بلغني خبرٌ عجيب، قالوا: وما هو؟ قال: بلغني أنَّ سفينةً تسير بنفسها في البحر، وتحمِّل نفسها بالبضائع، ثم تأتي وتُفرغ حَمولتها بنفسها بدون عُمَّال وبدون قائد، قالوا: هذا مُحال، لا يُتصوَّر أنَّ سفينة تمشي في البحر