وتحمِّل نفسها
وتُفرِّغ عن نفسها بدون عمَّال وبدون قائد، قال: هكذا بلغني، قالوا: هذا مُحال،
قال: يا سبحان الله! إذا كانت سفينة - وهي جزئيَّة صغيرة في الكون - ما يُتصوَّر
فيها أنَّها تعمل هذا الشَّيء فكيف بهذا الكون كلِّه ليس له خالق وليس له مدبِّر
وليس له رب، فانخصموا واندحروا، وأفحمهم بهذه الحُجَّة.
وهذه الآية مفحمة
لكل ملحد: ﴿أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ﴾ [الطور: 35] هل يُعقل أنَّ
الخلق يوجد بدون خالق؟ لا، هذا لا يقولُه عاقل.
وإذا كان الكون لا
بدَّ له من خالق فمن هو هذا الخالق؟ هل هو أنتم؟ ﴿أَمۡ
هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ﴾ [الطور: 35] يعني: أنتم الذين خلقتم السماء، خلقتم الأرض، خلقتم الشَّجر، خلقتم
البحار، بيِّنوا لنا الذي خلق هذه الأشياء، وضِّحوا لنا، لا يستطيع أحد مهما بلغ
من الكفر والإلحاد، لا يستطيع أن يدَّعي أنَّه خلق السماء، وخلق الأرض، ﴿أَمۡ
هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ﴾؟ هذا إنكار،﴿أَمۡ خَلَقُواْ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ﴾ [الطور: 36]، ﴿أَرُونِي
مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ﴾ [الأحقاف: 4]، ﴿هَٰذَا
خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ﴾ [لقمان: 11]، فكلُّ الكفرة
والمشركين لا أحد منهم ادَّعى أنَّ معبوده مِن دون الله خلقَ شيئًا من هذا الكون،
أبدًا، قال سبحانه وتعالى: ﴿أَمۡ جَعَلُواْ لِلَّهِ
شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلۡقِهِۦ فَتَشَٰبَهَ ٱلۡخَلۡقُ عَلَيۡهِمۡۚ قُلِ ٱللَّهُ
خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّٰرُ﴾ [الرعد: 16].
الله جل وعلا هو المنفرد بالخلْق، ولا أحد نازعَ الله في ذلك من الجبابرة والمتكبِّرين والكَفرة والملحدين، لا أحد ادَّعى أنه خلق بعوضة: