والنَّاس يتفاوتون
في هذا، فمنهم مَن خالف مخالفة كبيرة ومنهم من هو دون ذلك بحسب مخالفتهم، كلُّ مَن
خالف الله أي نوع مِن المخالفة فإنَّه ما قدر الله حقَّ قدره، وإنَّما قدرَ الله
حقَّ قدره مَنِ امتثلَ أوامرَه ونواهيه وحكم بكتابِه وعبد الله وحده ولم يُشرك به
شيئًا، هذا هو الذي قدَر الله حق قدْره، امتثل أمره واجتنب نهيه وآمن به سبحانه
وتعالى ووصفه بما وصف به نفسَه وسمَّاه بما سمَّى به نفسه أو وصف وسمَّى به رسوله
صلى الله عليه وسلم، هذا هو الذي قدر الله حقَّ قدره.
قال تعالى: ﴿وَمَا
قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ
ٱلۡقِيَٰمَةِ﴾ [الزُّمَر: 67] كذلك مَن جحد الرِّسالة وقال: «إنَّ الله لا يبعث
رسولاً من البشر» فهذا ما قدر الله حقَّ قدره، لأنَّه اتهم الله سبحانه وتعالى
بأنَّه ترك عباده بدون هداية ولا بيان، ولا بيَّن لهم طريق الحقِّ مِن طريق
الباطل، ولا وضَّح لهم، ولهذا يقول جل وعلا: ﴿وَمَا
قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦٓ إِذۡ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ
بَشَرٖ مِّن شَيۡءٖۗ قُلۡ مَنۡ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِۦ مُوسَىٰ نُورٗا وَهُدٗى لِّلنَّاسِۖ تَجۡعَلُونَهُۥ قَرَاطِيسَ تُبۡدُونَهَا وَتُخۡفُونَ
كَثِيرٗاۖ وَعُلِّمۡتُم مَّا لَمۡ تَعۡلَمُوٓاْ أَنتُمۡ وَلَآ ءَابَآؤُكُمۡۖ
قُلِ ٱللَّهُۖ ثُمَّ ذَرۡهُمۡ فِي خَوۡضِهِمۡ يَلۡعَبُونَ﴾ [الأنعام: 91]، فالذي يجحد
الرِّسالة ويقول: «لا يمكن أن يبعث الله بشرًا»، وإنَّما يقترح على الله أن يبعث
الملائكة إلى البشر؛ فهذا ما قدر الله حق قدره.
وكذلك من جحد البعث،
وزعم أن الله لا يبعث عبيده ليجازيهم بأعمالهم: ﴿لِيَجۡزِيَ
ٱلَّذِينَ أَسَٰٓـُٔواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ
بِٱلۡحُسۡنَى﴾ [النجم: 31]، فهذا ما قدر الله حق قدره، ووصفه بالعبث، وأن
الله خلق