وأنفحتها هل هما طاهران أو
نجسان فعند أبي حنيفة ورواية عن أحمد أنهما طاهران فعلى هذا يكون جبن المجوسي
حلالاً لأنه يصنع بالأنفحة وهي طاهرة وعند مالك والشافعي والرواية الثانية عن أحمد
أنهما نجسان.
فعلى هذا يكون جبن المجوس حرامًا لأنه صنع بالأنفحة وهي نجسة والأظهر القول
الأول وهو طهارة أنفحة الميتة فيكون الجبن المعمول بها حلالاً لأن الصحابة لما
فتحوا بلاد العراق أكلوا جبن المجوس وكان هذا ظاهرًا شائعًا بينهم وأيضًا فإن
اللبن والأنفحة لم يموتا وإنما صارا نجسين عند من يرى نجاستهما لكونهما في وعاء
نجس -وهذا فيه نظر - لأننا لا نسلم أن المائع ينجس بملاقاة النجاسة ([1]) يعني مما لم يتغير
أحد أوصافه بها.
هذا حاصل ما قيل في حكم الجبن القديم وعلى ضوئه يمكننا الحكم على الجبن
الحديث ما لم يثبت أنها تحوي مادة محرمة كشحم الخنزير.
النوع الثاني: من الأطعمة المستوردة من الكفار الذبائح فقد صار المسلمون
اليوم يستوردون من البلاد الكافرة من اللحوم ما يتوقف حلّه على توفر الذكاة
الشرعية فيه كالبقر والغنم والدجاج وقد وقع المسلمون في حيرة من أمر هذه اللحوم هل
توفرت فيها الذكاة الشرعية أو لا.
ولاشك أن قضية كهذه -قضية لها أهميتها في حياة المسلمين - لأن الغذاء له دور هام في التأثير على سلوك الناس وقد اهتم الإسلام بهذا الجانب فوضع حدودًا وضوابط للأطعمة المحرمة من اللحوم وغيرها وحذر المسلمين من تناولها ليسلموا من آثارها السيئة وأخطارها البالغة.
([1])ملخصًا من مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ص(103 - 104) ج (21).