المسألة الثانية: في بيان
حد الاضطرار الذي يبيح تناول المحرم:
· حد الاضطرار هنا يتبين من مجموع الآيات الواردة في الموضوع وهي:
قوله تعالى: {وَقَدۡ
فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ} [الأنعَام: 119] فأطلق في
هذه الآية الإباحة بوجود الضرورة في كل حال وجدت الضرورة فيها.
قوله تعالى: {فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ
بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ} [البَقَرَة:
173] فقيد الإباحة في هذه الآية بأن يكون المضطر غير باغ ولا عاد لكنه لم يبين سبب
الاضطرار ولم يبين المراد بالباغي والعادي.
قوله تعالى: {فَمَنِ ٱضۡطُرَّ
فِي مَخۡمَصَةٍ غَيۡرَ مُتَجَانِفٖ لِّإِثۡمٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} [المَائدة: 3] فبين أن سبب
الاضطرار هو المخمصة وهي الجوع وأشار إلى أن المراد بالباغي والعادي المتجانب هو المائل
فيفهم من الآية أن الباغي والعادي كلاهما متجانب لإثم ([1]) وإذا يمكننا أن
نقول إن حد الاضطرار المبيح لتناول المحرم هو أن يخاف على نفسه التلف بسبب الجوع
ولم يجد ما يتغذى به من الحلال بشرط أن يكون غير متجانب لإثم وهو الباغي والعادي،
وقد اختلف العلماء في المراد بالإثم الذي يتجانب إليه الباغي والعادي على قولين:
القول الأول: أن المراد بـ «الإثم الذي تجانب إليه الباغي هو الخروج على إمام المسلمين والإثم الذي تجانب إليه العادي هو إخافة الطرق وقطعها على المسلمين ويلحق بذلك كل سفر معصية لله؛ لأن في إباحة ذلك إعانة على المعصية وذلك لا يجوز.
الصفحة 1 / 246