«فإن الميتة إنما حرمت لاحتقان الرطوبات والفضلات والدم الخبيث
فيها والذكاة لما كانت تزيل ذلك الدم والفضلات كانت سبب الحل وإلا فالموت لا يقتضي
التحريم فإنه حاصل بالذكاة كما يحصل بغيرها وإذا لم يكن في الحيوان دم وفضلات
تزيلها الذكاة لم يحرم بالموت ولم يشترط لحله كالجراد ولهذا لا ينجس بالموت ما لا
نفس له سائلة كالذباب والنحلة ونحوهما والسمك من هذا الضرب فإنه لو كان له دم
وفضلات تحتقن بموته لم يحل لموته بغير ذكاة» ([1]).
وحرمت الميتة أيضًا لافتقادها ذكر اسم الله عليها الذي يؤثر ذكره على
المذكاة طيبًا ويطرد الشيطان عنها، فالذكاة تطيب الحيوان تطييبًا حسيًا بإخراج
الدم منه وتطييبًا معنويًا لطرد الشيطان عنها بذكر اسم الله.
المسألة الثانية: في بيان ما اتفق عليه وما اختلف فيه من شروط الذكاة مع
الاستدلال والترجيح:
اتفقوا على أن الحيوان الذي تعمل فيه الذكاة هو الحيوان البري ذو الدم الذي
ليس بمحرم ولا منفوذ المقاتل ولا ميئوس منه بوقذ أو نطح أو ترد أو افتراس سبع ([2])، وما سوي ذلك ففيه
خلاف يتبين من خلال البحوث التالية:
وللذكاة الشرعية شروط لابد من توفرها لتكون صحيحة يحل بها الحيوان المذكي، وهذه الشروط بعضها يعتبر في الذابح وبعضها يعتبر في آلة الذبح وبعضها يعتبر في صفة الذبح، ويمكننا أن نقول تفتقر الذكاة إجمالاً إلى بيان شروط في خمسة أشياء: ذابح وآلة ومحل وفعل وذكر،
([1])زاد المعاد لابن القيم ص(159) ج (2).
([2])بداية المجتهد ص(321) ج (1).
الصفحة 1 / 246