المبحث الرابع
في حكم تناول الطعام المحرم في
حالة الاضطرار
****
· وفيه مسائل:
المسألة الأولي: في بيان أن الشريعة الإسلامية تساير أحوال الإنسان
فتشرع لكل حالة ما يناسبها عندما يذكر الله سبحانه المحرمات من الأطعمة في آيات من
كتابه الكريم وهي الآيات التي أسلفنا ذكرها يشرع للضروريات ما يناسبها فيبيح في
حالة الضرورة بقدر ما يدفعها مما حرمه في حال السعة فجاء الاستثناء في كل آية
ناصًا على هذا الحكم: {فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ
بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} [البَقَرَة: 173]، {إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ
إِلَيۡهِۗ} [الأنعَام: 119]، {فَمَنِ ٱضۡطُرَّ
غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} [النّحل: 115].
وهذا من رحمته سبحانه بعباده حيث جعل تشريعاته تتمشى مع أحوالهم وتساير قدراتهم ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ورفع عنهم الآصار والأغلال فللمضطر أن يأكل عند الضرورة الميتة والدم ولحم الخنزير وله أن يشرب عند الضرورة ما يرويه من المياه النجسة التي ترويه أما الخمر فمنع أكثر الفقهاء من شربها في حالة العطش لأنها تزيده عطشًا، فإن قيل كيف أبيحت هذه المحرمات في حال الضرورة مع ما فيها من الضرورة والتغذية الخبيثة فالجواب: أن إباحة هذه المحرمات للمضطر وإن كانت تغذي تغذية خبيثة مما كان سببًا في تحريمها إلا أن مصلحة بقاء النفس مقدمة على دفع هذه المفسدة مع أن
الصفحة 1 / 246