×
الْأَطْعِمَة وَأَحْكَام الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

 ذلك عارض لا يؤثر فيه مع الحاجة الشديدة أثر يضر ([1]) فتأثير وصف الخبث في هذه الأشياء منتف في هذه الحالة «لأنه غير مستقل بنفسه في المحل المغتذي به بل هو متولد من القابل والفاعل فهو حاصل من المغتذي والمغتذي به ونظيره تأثير السم في البدن هو موقوف على الفاعل والمحل القابل فتناول هذه الخبائث في حال الاختيار يوجب حصول الأثر المطلوب عدمه فإذا كان المتناول لها مضطرًا فإن ضرورته تمنع قبول الخبث في المغتذي به فلم تحصل تلك المفسدة لأنها مشروطة بالاختيار الذي به يقبل المحل خبث التغذية فإذا زال الاختيار زال شرط القبول فلم تحصل المفسدة أصلاً..... انظر في الأغذية والأشربة الضارة التي لا يتخلف عنها الضرر إذا تناولها المختار الواجد لغيرها، فإذا اشتدت ضرورته إليها ولم يجد منها بدًا فإنها تنفعه ولا يتولد منها ضرر أصلاً لأن قبول طبيعته لها وفاقته إليها وميله منعه من التضرر بها بخلاف حال الاختيار وأمثلة ذلك معلومة مشهورة بالحس فإذا كان هذا في الأوصاف الحسية المؤثرة في محالها بالحس فما الظن بالأوصاف المعنوية التي تأثيرها إنما يعلم بالعقل أو بالشرع فلا تظن أن الضرورة أزالت وصف المحل وبددته فإنا لم نقل هذا ولا يقوله عاقل وإنما الضرورة منعت تأثير الوصف وأبطلته فهي من باب المانع الذي يمنع تأثير المقتضي لأنه يزيل قوته ألا ترى أن السيف الحاد إذا صادف حجرًا فإنه يمنع قطعه وتأثيره لا أنه يزيل حدته وتهيأه لقطع القابل» ([2]).


الشرح

([1])مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ص(340 - 345) ج (2) وص(79) ج (21) ببعض تصرف.

([2])مفتاح دار السعادة لابن القيم ص(348 - 349) ط ثانية لمكتبة الأزهر.