وكذا اختلفوا في اشتراط النية فالمالكية نصوا على اشتراطها لصحة الذكاة ([1]) ويفهم كذلك من مذهب
الحنفية والحنابلة اشتراطها لأنهم اشترطوا في الذابح أن يكون عاقلاً ليتأتى منه
القصد - فإن كان سكران أو مجنونًا أو صبيًا دون التمييز لم تصح ذكاته عندهم
لانعدام القصد منه كما ذكرنا عنهم ([2]) ذلك فيما سبق.
ويفهم من كلام الشافعية عدم اشتراط النية لأنهم لم يشترطوا العقل ولا
التمييز في الذابح فصححوا ذكاة السكران والمجنون والصبي غير المميز - كما أسلفنا ([3]) - بل صرح بذلك صاحب
المهذب حيث يقول ([4]): «ويكره ذكاة
السكران والمجنون لأنه لا يؤمن أن يخطئ المذبح ويقتل الحيوان فإن ذبح حل لأنه لم
يفقد في ذبحها إلا القصد والعلم وذلك لا يوجب التحريم كما ذبح شاة وهو يظن أنه
يقطع حشيشًا».
المسألة الثالثة في بيان آداب عامة في الذكاة: أسلفنا الكلام في بيان ما
يشترط في الذكاة وفاقًا وخلافًا - وبقيت أمور تشرع مراعاتها في الزكاة كمكملات لها
وآداب عامة فيها - إليك بياناتها:
يستحب نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى لقوله تعالى: {فَٱذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَا صَوَآفَّۖ } [الحَجّ: 36] أي انحروها على اسم الله -وصواف- أي قد صفت قوائمها -وأما كونها معقولة اليد اليسرى فيدل عليها قراءة «صوافن» بالنون جمع صافنة - وهي التي قد رفعت
([1])انظر: مختصر خليل الكبير ص(106) ج(2) وبداية المجتهد ص(329) ج(1).
الصفحة 1 / 246