من آخر سليم فيزيده ذلك قوة وهذا غير محرم ولا مما نحن فيه» ([1]) خصوصًا إذا وصلت
حالة المريض إلى الحد يتطلب إسعافه بالدم استنقاذًا له من الخطر فلا شك في إباحة
ما يدفع ضرورته من الدم لقوله تعالى: {إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ
إِلَيۡهِۗ} [الأنعَام: 119] وهذا من يسر الشريعة وسماحتها.
هذا بعض ما قاله العلماء في حكمة تحريم الدم ويضيف إلى ذلك بعضهم: «أن الدم
يحمل إفرازات وسمومًا يجب التخلص منها كما يحمل معه محتويات البول» ([2]) وقد يكون ما خفي
على الناس من أضراره ضعف ما علموا.
المسألة الثانية: في بيان ما يباح من الدم:
مر في الآيتين اللتين ذكرناهما في صدر هذا المبحث تحريم الدم مطلقًا حيث
جاء في البقرة {إِنَّمَا حَرَّمَ
عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةَ وَٱلدَّمَ} [البقرة: 173] فمقتضى هاتين الآيتين تحريم الدم مطلقًا
لكن جاء في أدلة أخرى ما يفيد هذا الإطلاق.
· وبيان ذلك فيما يلي:
جاء في آية الأنعام ما يخص التحريم بالدم المسفوح وذلك في قوله تعالى {قُل لَّآ أَجِدُ فِي مَآ أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٖ يَطۡعَمُهُۥٓ إِلَّآ أَن يَكُونَ مَيۡتَةً أَوۡ دَمٗا مَّسۡفُوحًا} [الأنعَام: 145] والمراد بالمسفوح المصبوب المهراق «وفي اشتراطه جل ثناؤه في الدم عند إعلامه عبادة تحريمه إياه
([1])تفسير المنار ص(134 - 135) ج (6).
الصفحة 1 / 246