يقترفونه: {وَذَرُواْ ظَٰهِرَ
ٱلۡإِثۡمِ وَبَاطِنَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡسِبُونَ ٱلۡإِثۡمَ سَيُجۡزَوۡنَ بِمَا
كَانُواْ يَقۡتَرِفُونَ}، ثم ينهى عن الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه من
الذبائح التي كانوا يجادلون المسلمين في تحريمها يزعمون أن الله ذبحها - فكيف يأكل
المسلمون مما ذبحوا بأيديهم ولا يأكلون مما ذبح الله وهو تصور من تصورات الجاهلية
التي لا حد لسخفها وتفاهتها في جميع الجاهليات - وهذا ما كانت الشياطين من الإنس
والجن توسوس به لأوليائها ليجادلوا المسلمين فيه من أمر هذه الذبائح مما تشير إليه
الآيات: {وَلَا تَأۡكُلُواْ
مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَإِنَّهُۥ لَفِسۡقٞۗ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ
لَيُوحُونَ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِهِمۡ لِيُجَٰدِلُوكُمۡۖ وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ
إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ} ([1]).
فالمشركون «يضلون بأهوائهم» فيقولون ما ذبح الله بسكينه «يعنون الميتة» خير
مما ذبحتم بسكاكينكم «يعنون المذكاة» وفي ضمن ذلك أنهم يحلون مما حرم الله ويحرمون
ما أحل الله وهذا قلب للحقائق فهم يقولون هذا «بغير علم» أي بغير علم يعلمونه في
أمر الذبح، إذ من الحكمة فيه كما سبق: إخراج ما حرم الله علينا من الدم بخلاف
الميتة ولذلك شرع الله الذكاة في محل مخصوص ليكون الذبح فيه سببًا لجذب كل دم في
الحيوان بخلاف غيره من الأعضاء.
واستمرارًا مع تشريعهم في إباحة الميتة كانوا يستبيحون ميتة الأجنة في بطون الأنعام ويشركون في أكلها النساء والرجال كما حكاه الله عنهم بقوله: {وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَٰذِهِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ خَالِصَةٞ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِنَاۖ وَإِن يَكُن مَّيۡتَةٗ فَهُمۡ فِيهِ شُرَكَآءُۚ} [الأنعَام: 139] فتحريم الميتة هو حكم الله المبني على العلم والحكمة، وإباحتها هي
([1])في ظلال القرآن لسيد قطب ص(1196 -1197) ج (3).
الصفحة 6 / 246