من كلام العلماء والباحثين ما به يتبين شيء من الحكمة في تحريم الدم من ذلك
قول شيخ الإسلام ابن تيميه «إنه حرم لأنه يجمع قوى النفس من الشهوة والغضب فإذا
اغتذى منه زادت شهوته وغضبه على الاعتدال» ([1]).
وحرم الدم أيضًا لما فيه من الضرر واستقذار الناس له أما ضرره فإنه عسر
الهضم جدًا ويحمل كثيرًا من المواد العفنة التي تنحل من الجسم وهي فضلات لفظتها
الطبيعة كما تلفظ البراز واستعاضت عنها بمواد حية جديدة من الدم فالعود إلى
التغذية وهي تكون أكثر مما تكون في اللحم، وكذا اللبن الذي أعده الخالق الحكيم في
أصل الطبيعة للتغذي به هذا ترى الأطباء متفقين على وجوب غلي اللبن لأجل قتل ما
عساه يوجد فيه من جراثيم الأمراض المعدية والدم لا يغلي كما يغلي اللبن بل يجمد
بقليل من الحرارة وحينئذ تبقى جراثيم المرض فيه حية تؤثر في الجسم الذي تدخله.
فإن قيل: إن المشهور عن الأطباء أن الدم مادة الحياة الحيوانية الفعالة في
الصحة فإذا أمكن للإنسان أن يضيف دم غيره من الأحياء إلى دمه فالقياس أنه لا يزيده
ذلك إلا صحة وقوة.
فالجواب: «أن هذا لا يؤخذ على إطلاقه ولم يثبت عند الأطباء أن شرب الدم المسفوح أو أكله بعد أن يجمد بنفسه أو بالطبخ مفيد للصحة والقوة ولا أنه يزيد الدم ولذلك لا يفعلونه ولا يأمرون الناس به ولا يقولون إن معد الناس تقوى على هضمه والتغذي به بسهولة وإنما يتولد الدم مما يهضم من الطعام نعم يمكن أن يحقن ضعيف الدم بدم
([1])مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميه ص(25) ج (19).
الصفحة 2 / 246