وهو قول أبي حنيفة ([1]) لأن الآية دلت على
تحريم ما ذكر فيها واستثني ما اضطر إليه فإذا اندفعت الضرورة لم يحل له الأكل
كحالة الإبتداء.
ولأنه بعد سد الرمق غير مضطر فلم يحل له الأكل للآية يحققه أن حاله بعد سد
رمقه كحاله قبل أن يضطر وثم لم يبح له الأكل كذا هنا ([2]).
القول الثاني: يحل له الشبع وهو الرواية الثانية عن أحمد ([3]) وهو قول مالك ([4]) وأحد القولين في
مذهب الشافعي ([5]) لحديث جابر بن
سمرة: «أَنَّ رَجُلاً نَزَلَ الْحَرَّةَ وَمَعَهُ أَهْلُهُ وَوَلَدُهُ فَقَالَ
رَجُلٌ: إِنَّ نَاقَةً لِي ضَلَّتْ فَإِنْ وَجَدْتَهَا فَأَمْسِكْهَا فَوَجَدَهَا
فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَهَا فَمَرِضَتْ، فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ: انْحَرْهَا، فَأَبَى
فَنَفَقَتْ فَقَالَتْ: اسْلُخْهَا حَتَّى نُقَدِّدَ شَحْمَهَا وَلَحْمَهَا
وَنَأْكُلَهُ، فَقَالَ: حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: «هَلْ
عِنْدَكَ غِنًى يُغْنِيكَ؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَكُلُوهَا» ([6])، فأطلق صلى الله
عليه وسلم الأمر بالأكل ولم يحدد.
القول الثالث: التفصيل بين من يخشى استمرار الضرورة فيحل له الشبع ومن ضرورته مرجوة الزوال فلا يحل له إلا سد الرمق لأن من ضرورته مستمرة إذا اقتصر على سد الرمق عادت الضرورة إليه عن قرب
([1])الجصاص في تفسير آيات الأحكام ص(130) ج (1).
الصفحة 2 / 246