×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

ومِن جُملَةِ مَا رَأَى قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ»؛ بسبب ماذا؟ لأنهن «يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ»؛ يعنِي: يَجحَدْنَ، الكُفرَ المُرادُ بِه: الجحُودُ، فيَجحَدُون حقَّ الزَّوجِ، وَيَجحَدْن إِحسَانه، بِمجَرَّد مَا يَحصُل خَطأٌ يَسِيرٌ مِنه، فَإنَّها تَقولُ: لَم أرَ مِنكَ خَيرًا قَطُّ. تَجحَدُ الإِحسَانَ والعِشرَةَ الطّيِّبةَ السَّابِقةَ. وَبِهذَا استَحقَّت دخُولَ النّارِ، وَلاَ شَكَّ أنَّ هَذَا مَعصِيةٌ، والمَعَاصِي تُنقِصُ الإِيمَانَ؛ كمَا أنَّ الطاعَاتِ تُزِيدُ الإِيمَانَ، الإِيمَانُ يَزِيدُ بِالطّاعَةِ، وَيَنقُصُ بِالمَعصِيةِ، فَكُفرَانُ العَشِيرِ مَعصِيةٌ تُنقِصُ الإِيمَانَ؛ لأنَّ الوَاجِبَ عَلَيها أنْ تَعتَرِفَ بِإحسَانِ الزَّوجِ وعِشرَتِه الطيّبَةِ، وَلاَ تَجحَدُها وتُنكِرُها، فَهَذِه الخَصلَةُ تَكثُرُ فِي النِّسَاءِ، وَهِي مَعصيةٌ تُنقِصُ الإِيمَانَ، وتُوجِبُ دخُولَ النّارِ؛ ولِهَذَا كَانَ أَكثَرُ أَهلِ النّارِ مِن النِّسَاءِ بِسَببِ هذِه الخَصلَةِ القَبِيحَةِ.

الشَّاهدُ مِنه: أنَّ كُفرَانَ العَشِيرِ يُنقِصُ الإِيمَانَ، ويُوجِبُ دخُولَ النّارِ، ويدُلُّ عَلَى أنَّ الكُفرَ مِنه مَا هُو كُفرٌ أَكبَر مُخرِجٌ مِن المِلّةِ، وَمِنه مَا هُو كفرٌ أَصغَر لاَ يُخرِجُ مِن المِلّةِ، وهُو المرَادُ هنَا، المُرَادُ بِـ«يَكفُرْنَ العَشِيرَ» أيْ: الكُفرَ الأَصغَرَ، الّذِي لاَ يُخرِجُ مِن المِلّةِ.

***


الشرح