بَاب ﴿فَإِن تَابُواْ
وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ
فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمۡۚ﴾ [التوبة: 5].
****
اللهُ جل وعلا أَمَرَ بِقتالِ المشرِكِين
والكَافرِين، الذِينَ يَصُدُّون عَن دِينِ اللهِ، ويُؤذُونَ المُسلِمِين،
ويُضَايِقُونَهم، ويُحَاوِلون مَعَهم أنْ يَرتَدُّوا عَن دِينِ الإِسلاَمِ، هَذَا
شَأنُ الكفَّارِ والمشرِكِين مَعَ المسلِمِين؛ أنَّ المُشرِكِين دَائمًا يُرِيدُون
ألاَّ يَنتَشِرَ الإِسلامُ، ويَصُدُّون عَنهَ مَن يُرِيدُ الدُخُولَ فِيهِ، وَمَن
دَخَلَ فِيهِ، حَاوَلوا إِخرَاجَه مِنه بِمُخَطَّطاتِهم وَكَيدِهم دَائمًا
وَأبدًا، فهَؤُلاءِ أَمَرَ اللهُ بِقِتَالِهم؛ كفًّا لِشَرِّهم عَن الإِسلاَمِ
وَالمُسلِمِين.
قَولُه
تَعالى: ﴿فَإِن
تَابُواْ﴾؛ أيْ: رَجَعُوا عَن الكُفرِ
وَالشَّركِ إلَى الإِسلاَم، نَطَقُوا بِالشَّهَادَتَين، ثمَّ أتبَعُوا ذَلِك
بِالأعمَالِ؛ ﴿وَأَقَامُواْ
ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمۡۚ﴾ [التوبة: 5]، لاَ تُقَاتِلوهُم.
قَالَ تعالى: ﴿تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ﴾ [التوبة: 5]، لَم يَكتَفِ بِقَولِه: ﴿فَإِن تَابُواْ﴾ بَل قَالَ: ﴿وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمۡۚ﴾ [التوبة: 5]، دلَّ علَى أنَّهم لَو تَابُوا بِألسِنَتِهم، لَكِنَّهم أَبَوا أنْ يُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَأَبَوا أنْ يُؤتُوا الزَّكاةَ؛ أنَّه لاَ يُخلَى سَبِيلُهم، بَل يُقَاتَلون، فَهَذَا دَليلٌ علَى دُخُولِ الأَعمَالِ فِي الإِيمَانِ؛ لأنَّ التَّوبةَ وَالنُّطقِ بِالشَّهادَتَين وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكاةِ هَذِه أَعمَالٌ، وَاللهُ جل وعلا حَكَمَ لِمَن أتَى بِهَا أنْ يُخلَى سَبِِيلُه، وفِي الآيَةِ الأخرَى: ﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِۗ﴾ [التوبة: 11]، إِخوَانُكم فِي الدِّينِ؛ فَهَذَا دَليلٌ عَلَى دُخُولِ الأَعمَالِ
الصفحة 1 / 190