بَابُ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ
عَمَلُهُ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ
****
وَقَالَ
إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إلاَّ خَشِيتُ
أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا،
****
قَولُه
رحمه الله: «بَابُ خَوْفِ
المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ»، كَذَلِك مِن
الإِيمَانِ الخَوفُ، الخَوفُ مِن أيِّ شَيءٍ؟ الخَوفُ عَلَى عمَلِه أنْ يُحبَطَ،
فَالإِنسَانُ لاَ يُزكِّي نَفسَه، وَلاَ يَأمَنُ مِن مَكرِ اللهِ عز وجل، فيكُونُ
خَائِفًا عَلَى دِينِه، خصُوصًا فِي وَقتِ الفِتَنِ «يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي
مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» ([1])،
فَالفِتنُ فِيهَا خَطرٌ علَى دِينِ المُسلِمِ وعَلَى إِيمَانِه.
فمِن
الإِيمَانِ الخَوفُ علَى العمَلِ، وَالخَوفُ مِن أَعمَالِ القلُوبِ، هُو عمَلٌ أَم
لاَ؟ الخَوفُ، والرَّجاءُ، والخَشيَةُ، والرَّغبَةُ، والرَّهبةُ، والإنَابَةُ،
والتَّوكُّلُ كلُّ هَذِه أَعمَالٌ، لَكنَّها مِن أَعمَالِ القلُوبِ؛ لأِنَّ الأَعمَالَ
عَلَى قِسمَين: أَعمَالُ القلُوبِ، وَأَعمَالُ الجَوَارِحِ.
وكلُّها
مِن الإِيمَانِ؛ أَعمَالُ القُلُوبِ وأَعمَالُ الجَوَارحِ كلُّها مِن الإِيمَانِ،
فَالّذِي يَخشَى مِن الفِتَنِ، ويَخافُ علَى دِينِه، هَذَا دَلِيلٌ علَى كمَالِ
إِيمَانِه، وَالّذِي لاَ يَخافُ ويُزَكِّي نَفسَه، هَذَا دَليلٌ عَلَى نَقصِ
إِيمَانِه، نَعَم.
قَولُه رحمه الله: «وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: «مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إلاَّ خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا»».إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ رحمه الله مِن كِبَارِ التَّابِعِينَ.
الصفحة 1 / 190