بَابٌ: الدِّينُ يُسْرٌ
****
وَقَوْلُ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ الحَنِيفِيَّةُ
السَّمْحَةُ».
****
لمَّا ذَكَرَ الإِمامُ البُخارِي رحمه الله
الأَبوَابَ السَّابِقةَ؛ الأَعمَالَ الّتِي هِيَ مِن الإِيمَانِ، الأَعمَالَ
الّتِي هِي مِن خِصَالِ الإِيمَانِ، أَعقَبَها بِهَذا البَابِ «بَابُ: الدِّينُ يُسْر»، مَا
المُنَاسَبةُ؟
قَالُوا:
لِئَلاّ يَظنُّ مَن يَقرَأُ هَذِه الأَبوَابِ أنّه لاَزِمٌ يَأتِي بِهَذه
الأَعمَالِ كلِّها، فَقَالَ: «الدِّينُ
يُسْرٌ»؛ يَعنِي: يَأتِي بِمَا تَيَسَّر لَه، يَأتِي مِنهَا بِمَا تَيسَّر
لَه، وَلاَ يُشَدِّد عَلَى نَفسِه.
هَذَا
- واللهُ أَعلَمُ - وَجهُ الحِكمَةِ فِي ذِكرِ هَذَا البَابِ؛ بَعدَ الأَبوَابِ
السَّابِقةِ، وَذَكَرَ أثرًا مُعلَّقًا بِدُونِ سَنَدٍ: «أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللهِ».
قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ»، الدّينُ المُرَادُ بِه: الأَديَانُ السَّمَاوِيّةُ، الأَديَانُ الّتِي شَرَعَها اللهُ لِلأُمَمِ؛ كَالتَّورَاةِ وَالإِنجِيلِ، وَأَديَانُ الأُمَمِ السَّابِقةِ، أَديَانُ الرُّسُلِ السَّابِقِين، وَدِينُ نَبِيّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فكلُّها أَديَانٌ سَمَاوِيّةٌ فِي وَقتِها، وَأَهلُها مُسلِمُون، ولكنَّ بَعدَ بِعثَةِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم تَوَحَّدُ الدِّينُ بِمَا جَاءَ بِه صلى الله عليه وسلم، وَنُسِخَت الأَديَانُ السَّابِقةُ؛ لأِنَّ دِينَ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم هُو «أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ»، لِمَاذَا؟ لأِنَّه مِلّةُ إِبرَاهِيمَ عليه السلام «الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ»، وَهِي مِلّةُ إِبرَاهِيمَ عليه السلام: ﴿ثُمَّ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ أَنِ ٱتَّبِعۡ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ﴾ [النحل: 123]، مِلّةَ أَبِيكُم إِبرَاهِيمَ عليه السلام لِمَا فِيهِا من السَّمَاحَةُ وَاليُسرُ.
الصفحة 1 / 190