×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

بَابٌ: أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ عز وجل أَدْوَمُهُ

****

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ، قَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» قَالَتْ: فُلاَنَةُ، تَذْكُرُ مِنْ صَلاَتِهَا، قَالَ: «مَهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لاَ يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا». وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَادَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ ([1]).

****

دَخَلَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيتَه، وَإِذَا بِامرَأةٍ عِندَ عَائِشةَ رضي الله عنها، فَسَأَلَ عِنهَا، قَالَت: فُلانَة، وَذَكَرت مِن اجتِهَادِها فِي العِبَادَةِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَهْ»؛ كلمة زجر، «مَهْ»؛ يَعنِي: كُفْ، أَمَرَها أنْ تَكفَّ عَن هَذَا؛ عَن التَّشَدُّدِ.

فَالنّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَنكَرَ عَلَيهَا التَّشَدُّدَ فِي العِبَادةِ، وَوَجهُهَا إلَى أنْ تَعمَلَ مَا تَيَسّرَ، وَلاَ تَشُقُّ عَلَى نَفسِها، وَقَالَ:«لاَ يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا»، اللهُ جل وعلا يُقبِلُ عَلَى عَبدِه فِي العِبَادةِ، وَيتَقبَّلُ مِنهُ، ويَستَمِرُّ عَلَى ذَلِك، حتَّى يَنصَرِفَ العَبدُ، إذَا انصَرَف العَبدُ، يَنصَرِفُ اللهُ سبحانه وتعالى عَنهُ: «لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا»، واللهُ لاَ يَملُّ سبحانه وتعالى، لَكنَّ هَذَا مِن بَابِ المُقَابلَةِ والمُشَاكلَةِ فِي الّلفْظِ؛ مِثلُ: ﴿وَجَزَٰٓؤُاْ سَيِّئَةٖ سَيِّئَةٞ مِّثۡلُهَاۖ [الشورى: 40]، وقَالَ تعالى: ﴿فَيَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ [التوبة: 79]، وقَالَ تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ١٤ٱللَّهُ يَسۡتَهۡزِئُ بِهِمۡ وَيَمُدُّهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ ١٥ [البقرة: 14- 15]، وقال تعالى:


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (43)، ومسلم رقم (785).