بَابٌ: الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ
****
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى
رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم: «دَعْهُ فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ» ([1]).
****
الحيَاءُ تقدَّم أنَّه شُعبةٌ مِن شُعَبِ
الإِيمَانِ السَّتّ والسَّبعِينَ، أَو البِضعِ والسَّبعِين، أَو البِضعِ والسِّتين
شُعبَةً، مِنهَا الحيَاءُ، الحَيَاءُ خلُقٌ وعمَلٌ قَلبِيٌّ، يَمنَعُ الإِنسَانَ
مِمَّا لاَ يَلِيقُ، والذِي يَرزُقُه اللهُ الحيَاءَ، فَإنّه يَمتَنعُ مِن
الرَّذَائِل، وَيَمتَنعُ مِن العيُوبِ، وَيتَحلَّى بِالصِّفَاتِ الطيِّبَةِ،
الحيَاءُ خَيرٌ، وعَدمُ الحيَاءِ نَقصٌ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ
النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» ([2])،
فَدلَّ عَلَى أنَّ مَن فَقَدَ الحيَاءَ، فَإنَّه يَصنَعُ مَا شَاءَ مِن العيُوبِ
وَالرَّزَايَا.
والشَّاهِدُ مِن هذَا: أنَّ الأَعمَالَ مِن الإِيمَانَ؛ لأنَّ الحيَاءَ عمَلُ القَلبِ، فهُو شعبَةٌ مِن شُعَبِ الإِيمَانِ، ومَن قلَّ حَياؤُه، قلَّ إِيمَانُه، وَمَن فَقَدَ الحيَاءَ نِهَائِيًّا، نَقَصَ إِيمَانُه نَقصًا كَبِيرًا، هذَا الحيَاءُ، وهُو الذِي يَمنَعُ مِن الشرِّ، ويُجمِلُ الأَعمَالَ وَالأَخلاَقَ الطّيبَةَ، هَذَا هُو الحيَاءُ المَحمُودُ، وأمَّا الحيَاءُ الذِي يَمنَعُ الإِنسَانَ مِن طلَبِ الخَيرِ، وَطَلبِ العِلمِ، فهذَا لاَ يُسمَّى حيَاءً، يُسمَّى الخَجَلَ، هذَا خَجلُ ونَقصٍ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (24).
الصفحة 1 / 190