×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ: لِلَّهِ

وَلِرَسُولِهِ وَلأَِئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»،

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ [التوبة: 91].

****

النصيِحَةُ عَمَلٌ، فَالّذِي يَنصَحُ النّاسَ، وَيُذكِّرُهم، وَيَعِظُهُم، هَذَا عَملٌ، يَدخُلُ فِي الإِيمَان، النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، فَجَعَل النَّصِيحَةَ مِن الدِّينِ، وَاللهُ جل وعلا قَالَ: ﴿لَّيۡسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرۡضَىٰ وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِينَ مِن سَبِيلٖۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ [التوبة: 91]، الجِهادُ وَاجِبٌ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِذَا استَنْفَرَ وَلِيُّ الأَمرِ، «إِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» ([1])، ﴿مَا لَكُمۡ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ [التوبة: 38]، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقُولُ: «إِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا»، وَاجِبٌ هَذَا، لَكنَّ اللهَ عَذَرَ الضُّعَفَاءَ والمَرضَى، وَعَذَرَ الفُقَرَاءَ الّذِين لاَ يَجِدُون مَا يُنْفِقُون فِي الجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ؛ لاَ يَجِدُون رَوَاحِلَ، لاَ يَجِدُون زَادًا، عَذَرَهَم اللهُ فِي القعُودِ عَن الجِهادِ، لَكنْ بِشَرطِ: إذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِه، مَا قَعَدُوا كَسَلاً أَو عَجْزًا، وَإنَّمَا قَعَدُوا مَعَ نِيتِهم الجِهَادُ، لَكنْ حَبَسَهم العُذرُ، هَؤُلاَءِ لَهُم أَجرُ المُجَاهِدِين.

وَأَخبَر صلى الله عليه وسلم أَصحَابَه رضي الله عنهم وَهُم فِي سَفرٍ، فِي جهَادٍ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا، مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا إلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ»،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1834)، ومسلم رقم (1353).