×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

بَابُ زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ

****

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَزِدۡنَٰهُمۡ هُدٗى [الكهف: 13] ﴿وَيَزۡدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِيمَٰنٗا [المدثر: 31]، وَقَالَ: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ [المائدة: 3]، فَإِذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الكَمَالِ فَهُوَ نَاقِصٌ.

****

  مِن أُصُولِ أَهلِ السُّنَّةِ والجمَاعَةِ أنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ ويَنقُصُ؛ خِلاَفًا لِلمُرجِئَةِ، الّذِين يَقولُون: الإِيمَانُ فِي القَلبِ، وَهُو شَيءٌ وَاحدٌ، لاَ يَزِيدُ، وَلاَ يَنقُصُ. فَهُو يُرِيدُ الردَّ عَلَيهم فِي ذَلِك؛ فَالإِيمَانُ يَزِيدُ، هَذَا بِنصِّ القُرآنِ: ﴿وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ هُدٗىۗ [مريم: 76]، ﴿إِنَّهُمۡ فِتۡيَةٌ ءَامَنُواْ بِرَبِّهِمۡ وَزِدۡنَٰهُمۡ هُدٗى [الكهف: 13]، هذَا نَصٌّ علَى الزِّيَادةِ.

كَذَلِك فِي قَولِه تَعَالَى: ﴿وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا [الأنفال: 2]، هَذَا نَصٌّ عَلَى أنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ عِندَ سمَاعِ القُرآنِ، وَيِزيدُ فِي الطّاعَاتِ؛ كلَّما أَطاعَ المُسلِمُ ربَّه وَتقرَّبَ إِلَيه، زَادَ فِي إِيمَانِه. هَذَا الشَّيءُ مَعرُوفٌ.

وَكَذلِك يَنقُصُ بِالمَعصِيةِ؛ لأنَّ الّذِي يَزِيدُ يَنقُصُ، فَهُو يَنقُصُ بِالمَعصيَةِ؛ كلّمَا عَصَى ربَّه، نَقَصَ إيمَانُه. هَذَا مَعنَى قَولِهم: يَزِيدُ بِالطاعَاتِ وَيَنقُصُ بِالمعَاصِي.

ومِن الأَدِلةِ حَدِيثُ شُعَبِ الإِيمَانِ: «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أَعلاَهَا قَوْلُ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ..» ([1])، هذَا يَدلُّ علَى أنَّ الإِيمَانَ لَه أَدنَى، وَلَه أَعلَى؛ لَيْسَ هُو


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (9)، ومسلم رقم (35).