بَابُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ العَمَلُ
****
لِقَوْلِ اللَّهِ
تَعَالَى: ﴿وَتِلۡكَ ٱلۡجَنَّةُ ٱلَّتِيٓ
أُورِثۡتُمُوهَا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [الزخرف: 72]
وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَوَرَبِّكَ
لَنَسَۡٔلَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ ٩٢عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٩٣﴾ [الحجر: 92- 93]
عَنْ قَوْلِ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَقَالَ: ﴿لِمِثۡلِ
هَٰذَا فَلۡيَعۡمَلِ ٱلۡعَٰمِلُونَ﴾ [الصافات: 61]
****
دَليلُ
مَن قَالَ هَذَا القَولَ - أنَّ الإِيمَانَ هُو العمَلُ - قَولُ اللهِ تعالى: ﴿ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ
بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾
[النحل: 32]، مَا قَالَ: ادخُلُوا الجَنَّة بِمَا كنتُمْ تُؤمِنُونَ، بَل نَصَّ
عَلَى العمَلِ، فَدلَّ عَلَى أنَّ الإِيمَانَ هُو العمَلُ، نَصَّ علَى أنَّ
الإِيمَانَ هُو العمَلُ، وهَذَا يُؤكّدُ علَى أنَّ العمَلَ دَاخِلٌ فِي حَقِيقَةِ
الإِيمَانَ، وَأنَّه لاَ إِيمَانَ بِدُونِ عمَلٍ، وَلاَ يَدخُلُ الجنّةَ أَحدٌ
إلاَّ بِعمَلٍ، إلاَّ بِسَببِ العمَلِ الصَّالحِ، أمَّا استِحقَاقُ الجنّةَ، فهُو
بِفَضلِ اللهِ سبحانه وتعالى، لكنَّ العمَلَ سَببٌ لِدُخُولِها.
قَولُه تعالى: ﴿بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ البَاء سَببِيّةٌ، وَلَيسَ العمَلُ عِوَضًا لِلجنَّةِ؛ لأنَّ الجنَّةَ لاَ تُقدَّرُ بِالأَثمَانِ، ولكنَّها فَضلٌ مِن اللهِ جل وعلا، وَلِهَذاَ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ» قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلاَ أَنَا، إلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا» ([1])، فالباء في الحديث «لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ»، البَاءُ بَاءُ العِوَضِ، أمَّا البَاءُ فِي
الصفحة 1 / 190