×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

 قَولِه تَعالى: ﴿بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ، فهِيَ بَاءُ السَّبَبِيّةُ؛ أيْ: بِسَبَبِ مَا كنتُمْ تَعمَلُونَ، فَعبَّرَ عَن الإِيمَانِ بِالعمَلِ.

قَالَ رحمه الله: «وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسۡ‍َٔلَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ ٩٢عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٩٣ [الحجر: 92- 93] عَنْ قَوْلِ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»؛ قَسمٌ مِن اللهِ سبحانه وتعالى: ﴿لَنَسۡ‍َٔلَنَّهُمۡ؛ أيْ: العِبَادَ أجْمَعِين، كلَّهم يُسأَلُونَ يَومَ القِيَامةِ عَمَّاذَا؟ ﴿عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ، مَا مَعنَى ﴿عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ؟ أيْ: عَن قَولِ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»؛ كمَا فسَّرهَا بِذَلِك هَؤُلاءِ الأئِمّةُ، فدلَّ عَلَى أنَّ القَولَ مِن الإِيمَانِ، والقَولُ هُو عملُ اللسَانِ، ولاَ بدَّ مَعه مِن عَملِ القَلبِ وَنِيةُ القَلبِ، فَدلَّ علَى أنَّ القَولَ - قَولُ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» - عملٌ يُسأَلُ عَنه العَبدُ يَومَ القِيَامةِ.

قَالَ رحمه الله: «وَقَالَ: ﴿لِمِثۡلِ هَٰذَا فَلۡيَعۡمَلِ ٱلۡعَٰمِلُونَ [الصافات: 61] »، لمَّا ذَكَرَ الجنّةَ ومَا فِيهَا مِن النَّعِيمِ، قَالَ: ﴿لِمِثۡلِ هَٰذَا؛ أيْ: لِِمِثلِ الجنّةِ ﴿فَلۡيَعۡمَلِ ٱلۡعَٰمِلُونَ؛ لأجلِ أنْ يَِدخُلُوهَا، الشَّاهدُ فِي قَولِه: ﴿فَلۡيَعۡمَلِ ٱلۡعَٰمِلُونَ، فدلَّ علَى أنَّه لاَ تُدخَلُ الجنّةُ إلاَّ بِعمَلٍ، وَأمَّا اعتِقَادُ القَلبِ بِدُونِ عمَلٍ، فَإنَّه لاَ يُدخِلُ الجنَّةَ؛ لأنَّ المُشرِكِينَ وَغَالبُ العَالَمِ كَارِهُون بِقلُوبِهم الإِيمَانَ، لَكنْ يَمنَعُهم الكِبرُ وَالحَسَدُ والحَمِيّةُ الجَاهِلِيّةُ مِن أنْ يُصَرّحُوا بِألسِنَتِهم، قَالَ تعالى: ﴿قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ [الأنعام: 33].

فلاَ يَكفِي أنَّ الإِنسَانَ يَعتَقدُ بِقَلبِه، وَلَيسَ الإِيمَانُ هُو الاعتِقَادُ بِالقَلبِ فَقَط - كمَا تَقولُه الأَشَاعِرةُ مِن المُرجِئةِ-، وإنَّما الإِيمَانُ قَولٌ وَعَملٌ وَاعتِقَادٌ، هَذَا هُو الإِيمَانُ.


الشرح