×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

بَابٌ: حُبُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ

****

  أولاً: محبَّةُ اللهِ جل وعلا؛ لأنَّه المُحسِنُ المُنعِمُ الرَّبُّ المُتفَضِّلُ، تُحبُّه وتُألِّهُه بِالعِبَادةِ، وَهَذا الأَصلُ، وأَنتَ مَخلُوقٌ لِهَذا، خَلَقَك اللهُ لِعِبادَتِه: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ [الذاريات: 56] تُحِبّه حبًّا عَظِيمًا، لاَ يَعدِلُه حبٌّ، لاَ تُسَاوِ بِاللهِ المَحْبُوبِين مِن الخَلقِ، وسَيأتِي أنَّك تُحبُّ اللهَ أعظَمَ ممَّا تُحِبّ نفسَك ووَلَدَك ووَالِدَك والنَّاسَ أَجمَعِين، فهذَا هُو الأصلُ، أمّا مَن أحبَّ اللهَ وأحَبَّ معَه غَيرَه، فَهَذا شِركُ المَحبَّةِ - مَحبَّةُ العبَادَةِ والذُّلّ والخضُوعِ-، هذَا شِركٌ، قَالَ تعَالَى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ [البقرة: 165]، والعبَادةُ مَبنِيةٌ علَى الحبِّ مَعَ الذلِّ والخضُوعِ.

بَعدَ محبَّةِ اللهِ جل وعلا تُحبُّ أفضَلَ الخَلقِ، وَأكثَرَهم إِحسَانًا إِلَيكَ، أَعظَم الخَلقِ إِحسَانًا إِلَيكَ مَن هُو؟ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ اللهَ أَنقَذَك بِه مِن الظلُمَاتِ إلَى النورِ، فهُو الّذِي دَلكَ وأَرشَدَك وبيَّن لكَ طَرِيقَ الخَيرِ، وَبِدُونِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم لاَ يُمكِنُ أنْ تَعرِفَ الخَيرَ مِن الشّرِّ، والهُدَى مِن الضَّلالِ، إنّما عَرَفنَا هَذَا عَن طرِيقِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، فهُو أَولَى النّاسِ بِالمحبَّةِ.

وهذِه المَحبَّةُ تَقتَضِي اتبَاعَه، والاقتِدَاءَ بِه، والعمَلَ بِسُنتِه، وَتَركِ مَا نَهَى عَنهُ، هَذِه المَحبَّةُ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَهَذا مُقتَضَاهَا، لَيْسَ مِن مَحبّةِ الرَّسُولِ أنْ تُحدِثَ البِدعَ؛ بِدعَ المَوَالدِ، مُنَاسبةُ المَولِد، تَقولُ: هَذَا مَولدُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.


الشرح