×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ» ([1]).

****

بَل هَذَا شَيءٌ مُبتَدَع، نَهَى الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم عَن البِدَعِ، وَهَذَا مِنهَا، فَمِن عَلامَاتِ صِدقِ مَحَبتِكَ لِلرسُولِ اتبَاعُك لِلسُنَّة، وابتِعَادُك عَن البِدعِ، إذَا كنْتَ تُحبُّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم، فإنَّك تَقتَدِي بِه، تَفعل مَا أَمَرَك بِه، وَتَجتَنِبُ مَا نهَاكَ عَنه، وَمِمَّا نَهَاكَ عَنهُ الِبَدَع المُحدَثَاتِ.

الّذِي يَزعُمُ أنَّه يُحبُّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم، وَيَأتِي بِالِبدعِ المُخَالفِةِ لسُنَّةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم هَذَا كَذَّابٌ؛ إنَّ المُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ.

تَعْصِي الإِله وَأنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ **** هَذَا محَالٌ في القِياسِ بَديعُ

لَو كانَ حُبُّكَ صَادِقًا لأَطَعْتَهُ **** إنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ

فَمِن عَلامَةِ صِدقِ مَحبّةِ الرّسولِ صلى الله عليه وسلم اتبَاعُه، والاقتِدَاءُ بِه، وَتَركُ مَا نَهَى عَنه، فَمَحبّةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم تَأتِي بَعدَ مَحبّةِ اللهِ جل وعلا؛ لأنَّه هُو الّذِي دَلكَ عَلَى الخَيرِ، وَعلَّمكَ، وَبيَّن لَكَ طَرِيقَ الخَيرِ وَطَرِيقَ الشّرِّ، وَنَصَحَ لَكَ، فَهُو أَعظَمُ الخَلقِ مَحبَّةً بَعدَ مَحَبّةِ اللهِ سبحانه وتعالى.

فقَولُه: «بَابٌ: حُبُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ»؛ مِن شُعبِ الإِيمَانِ مَحبَّةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بَعدَ مَحبَّةِ اللهِ عز وجل، وَلَيْسَ مِن مَحبّةِ اللهِ إِحدَاثُ البِدعِ المُخَالِفَةِ لِسُنَّتهِ صلى الله عليه وسلم. 

قَالَ صلى الله عليه وسلم: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ»، هَذَا قَسمٌ، أَقسَمَ صلى الله عليه وسلم،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (14).