×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

وهُو الصَّادِقُ المَصدُوقُ، هُو صَادِقٌ وَلَو لَم يَحلفْ صلى الله عليه وسلم، لَكِن حَلِفَ مِن بَابِ الاهتِمَامِ بِهَذَا الشَّيءِ؛ لِلتّنِبيهِ عَلَى أَهَمّيتِه.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ»؛ أيْ: لاَ يَكمُلُ إِيمَانَه، المُرَادُ نَفيُ الكَمَالِ.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ»، الّذِي لاَ يُحِبُّ الرَّسولَ أَصلاً هذَا لَيْسَ بِمُؤمنٍ، لَيْسَ عِندَه إِيمَانٌ، لَكِن الّذِي يُحِبُّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم وَلاَ يُقدِّمُ مَحَبتَه عَلَى مَحَبّةِ أَحَبّ النّاسِ إلَيه - أحبُّ النّاسِ إلَيكَ مَن هُو؟ وَالِدُك أَو وَلَدُك؛ وَالِدُك لأنَّه هُو السَّببُ فِي وُجُودِك، وَهُو الّذِي رَبَّاك، وهَا أَنتَ تُحبّه مِن بَابِ المُكَافَأةِ لَه، وَوَلدُك لأنّكَ تُحبّه مَحَبةَ شَفَقةٍ، تُحبُّ الوَلدَ شَفقةُ-، فَلا يَكمُل إِيمَانُك حتَّى يكُونَ الرَّسولُ أحبَّ إِلَيكَ مِن وَالدِك وَوَلَدِك، مِن هَذِه المَرتَبةُ.

أمَّا أَصلُ محبّةِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، فَهَذِه هِي الإِيمَانُ، أمَّا مَن لاَ يُحبُّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم، ويَكرَهُ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم، فَهُو كَافرٌ - نَسألُ اللهَ العَافِيةَ-، لَكِنَّ مَا يَكفِي أنّكَ تُحبُّ الرَّسولَ فَقَطْ، بَل تُقدّمُ محَبتَه عَلَى مَحبّةِ أَقرَبِ النّاسِ إِلَيكَ؛ وَالِدِك هُو أَقرَبُ النّاسِ إلَيكَ، ثمَّ مِن بَعدِه الوَلدُ، وَفِي رِوَايةٍ: «حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ» ([1])، تَقدِيمُ الوَلدِ عَلَى الوَالدِ وَرَدَت رِوَايةٌ هَكذَا؛ لأنَّ الوَلدَ تُحبّه مَحَبةَ شَفقةٍ وَرَحمةٍ، والوَالدُ تُحبُّه مَحَبةَ إِكرَامٍ وإِجلاَلٍ ومُكافَأةٍ لَه عَلَى إِحسَانِه إِلَيكَ، فَمحبّةُ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم لاَ بُدّ مِنهَا فِي الإِيمَانِ، الّذِي مَا عِندَه مَحبّةٌ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لَيسَ بِمُؤمنٍ


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (70).