×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

بَابُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِسْلاَمُ عَلَى الحَقِيقَةِ،

وَكَانَ عَلَى الاِسْتِسْلاَمِ أَوِ الخَوْفِ مِنَ القَتْلِ

****

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا [الحجرات: 14] فَإِذَا كَانَ عَلَى الحَقِيقَةِ، فَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ - جَلَّ ذِكْرُهُ-: ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ [آل عمران: 19] ﴿وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ [آل عمران: 85]

****

  الإِسلامُ عَلَى نَوعَين؛ إِسلامٌ بِمَعنَى الاستِسلاَمِ ظَاهِرًا، وهَذَا إيِمَانُ ضُعَفَاءِ الإِيمَانِ أَو إِيمَانُ المنَافِقِين، فَإنَّ إِسلاَمَ المنَافِقِين هُو الاسْتِسلاَمُ فَقَطْ فِي الظَّاهرِ، أمَّا فِي البَاطِنِ، فَلَيسَ عِندَهم اسْتِسلامُ ولاَ عَقِيدةُ، وإنَّما يَستَسلِمُون لِمَصَالِحهم العَاجِلةَ فقَطْ، أوْ يَكُونُ مُسلِمًا مُؤمِنًا، لَكنَّه ضَعِيفُ الإِيِمَانِ، فِي قَلبِه مِثقَالَ حبَّةٍ خَردَلٍ أَو أَكثَرَ مِن ذَلِك - فَالإِيمَانُ يَتَفَاضَل، وَالإِسلاَمُ يَتَفَاضَل-، وقَد يَكُونُ إِسلاَمًا بِدُونِ إِيمَانٍ؛ كَإسلاَمِ المنَافِقِين، وَلِذَلِك لمَّا قَالَت الأَعرَابُ: ﴿ءَامَنَّاۖ، وَادَّعُوا لأنْفُسِهم مَنزِلةً لَيسُوا إلَيهَا، لَيسَ مَعنَاه أنَّهم مُنَافِقُون أَو أنَّهم كفَّار، لَكنَّ مَعنَاه: أنَّهم كَمَّلوا أَنفُسَهُم، قَالُوا: ﴿ءَامَنَّاۖ، وَاللهُ جل وعلا عَابَ عَلَيهم ذَلِك.

قَالَ تعالى: ﴿قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ، والأَعرَابُ هُم البَادِيةُ، ﴿قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا؛ أيْ: اَستَسلَمنَا، وَلاَ تَدعُوا لأَنفُسِكم مَنزِلةً لَن تَصِلُوا إِلَيهَا، الإِنسَانُ لاَ يُزََكِّي نَفسَه، ﴿وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا، ثمَّ بَيَّن - سبحانه - أنَّهم سَيُؤمِنُون، وَسَيدخُلُ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِهم فِيمَا بَعدَ، لَم يَدخُلْ


الشرح