حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي
وَقَّاصٍ، عَنْ سَعْدٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
رَجُلاً هُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ
فُلاَنٍ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ: «أَوْ مُسْلِمًا»
فَسَكَتُّ قَلِيلاً، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي،
فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا،
فَقَالَ: «أَوْ مُسْلِمًا». ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ
لِمَقَالَتِي، وَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: «يَا
سَعْدُ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ
أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ». وَرَوَاهُ يُونُسُ، وَصَالِحٌ، وَمَعْمَرٌ،
وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ([1]).
****
إلَى الآنَ دُخُولاً حَقِيقِيًّا، ﴿وَلَمَّا
يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ﴾؛
أيْ: وَسَيدْخُلُ فِي المُستَقبَلِ، هذَا بِشاَرةٌ لهُم، لمَّا عَاتَبَهم اللهُ،
بَشَّرهم بِأنَّه سَيَدخُلُ الإِيمَانُ فِي قلُوبِهِم، لكنَّهم استَعجَلُوا -
عَادةُ الأَعرَابِ-، استَعْجَلُوا فِي هَذَا، ﴿وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ
فِي قُلُوبِكُمۡۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتۡكُم مِّنۡ
أَعۡمَٰلِكُمۡ شَيًۡٔاۚ﴾
[الحجرات: 14]، هذَا وَاضحٌ أنَّ الأَعمَالَ دَاخِلةٌ فِي حَقِيقَةِ الإِيمَانِ،
وَأنَّ الإِسلاَمَ يَأتِي بِمَعنَى الاسْتِسْلامُ فَقَطْ، وَيَأتِي بِمَعنَى
الاسْتِسْلامِ مَعَ الإِيمَانِ فِي القَلبِ، وهَذَا النَّوعُ الثَّانِي.
هَذَا الحَدِيثُ بِمَعنَى الآيَةِ فِي قِصّةِ الأَعرَابِ، النّبيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعطِي ضِعَافَ الإِيمَانِ؛ يَتَألّفَهم عَلَى الإِسلاَمِ، وَلاَ يُعطِي أَقوِيَاءَ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (27)، ومسلم رقم (150).